أرسطوليس مددا لأهل مريوط وهم فى محل عينه لهم وأن يرسل بقية الجيش إلى مدينة مريوط ففعل ما أمر به وسار من ساعته فهجم على الخمسمائة فارس الرومية على حين غفلة وغالبهم نائم، فوضع فيهم السيف وقتل منهم من قتل، وأسر من أسر، وغنم أمتعتهم وخيولهم، ودخل بقية الجيش المدينة ليلا. فلما كان الغد واستيقظ المرمدان من غفلته رأى المدينة قد ملكها المسلمون وأعلنوا بالتكبير والتهليل فاعتقل لسانه من الجزع. وقال له خالد: يا عدو الله لولا أنى أعطيتك الأمان لقتلتك شر قتلة. فخذ أهلك ومالك وانصرف، فإنّا قوم إذا قلنا قولا وفينا به، وإذا عاهدنا لم نغدر، فخرج المرمدان بأهله وماله.
وأما ولده فأسلم فأعطاه خالد قصر أبيه وما فيه. قال: وعرض خالد الإسلام على أهل مريوط فأسلم أكثرهم وجمع الغنائم ومن لم يسلم من الرجال، وأخرج منه الخمس لبيت المال وقسم الباقى على الجيش وكتب عمرو بن العاص يبشره بفتح مريوط وأنه معوّل على الرحيل إلى الإسكندرية. انتهى.
وقال المقريزى أيضا فى ذكر حوادث الإسكندرية: أن حباسة دخل فى جيوش إفريقية إلى الإسكندرية فى المحرم سنة اثنتين وثلاثمائة ومعه مائة ألف أو زيادة عليها، وقدمت الجيوش من المشرق مددا لتكين أمير مصر وسار حباسة من الإسكندرية، ونودى بالتغير فى الفسطاط لعشر بقين من جمادى الآخرة، فلم يتخلف عن الخروج إلى الجيزة أحد من الخاصة والعامة إلا من عجز عن الحركة لمرض أو عذر.
وأتاهم حباسة بجيشه فلقيه أهل مصر فهزموه، ثم دار عليهم فقتل من أهل مصر نحوا من عشرة آلاف ونهض حباسة إلى إفريقية وأقاموا بمصر مطرّبين فأقبل مؤنس الخادم من العراق فى رمضان بجيوش كثيرة فصرف تكين فى ذى القعدة وولى زكاء الأعور فى صفر سنة ثلاث وثلاثمائة. وخرج فى جيوشه إلى الإسكندرية وتتبع كل من يومئ إليه بمكاتبة من صاحب إفريقية فسجن منهم وقتل كثيرا وأجلى أهل ليبيا ومراقية إلى الإسكندرية فى شوال سنة ثلاثمائة