ثم أن العثمانية تدرجوا فى دخول مصر وصاروا كل يوم يدخل منهم جماعة، وأخذوا يشاركون الناس فى صنائعهم وحرفهم. ودخل أغاة الجمارك عينه الوزير يوسف باشا على مكس القاهرة وبولاق ومصر القديمة بفرمان قرئ فى المجلس، وقرئ فرمان آخر بإقامة مصطفى باشا-الذى أخذ أسيرا ببوقير- وكيلا عنه، وجعل السيد المحروقى كبير التجار ملزما ومقيدا بتحصيل الثلاثة آلاف كيس المعينة فى الشروط لترحيل الفرنساوية، فوزع ذلك على التجار وأهل الأسواق والحرف. وسكن مصطفى باشا فى بيت عبد الرحمن كتخدا بحارة عبدين بالمحروسة.
وتعين على البلاد مباشرون لطلب الغلال والكلف من الأقاليم، وجعل فى كل بندر وكيل لطلب الغلال والمطلوبات. وجاء الوزير إلى بلبيس وصحبته الأمراء المصريون وأرسلوا إلى مراد بيك ومن معه بالحضور إلى الفرضى.
فأجاب بالاعتذار عن الحضور لكونه فى الصعيد، فلم يقبلوا عذره، فاستأذن الفرنساوية سرا فأذنوا له بالمقابلة. وكان سفيره فى ذلك عثمان بيك البرديسى، ثم إنه حضر وقابل الوزير فخلع عليه وعلى عثمان بيك، ورجع مراد بيك فخيم بجهة العادلية. وحضر حسين أغا نزلة أمين ودخل مصر. وحضر أيضا غالب المصريين الفارين من الأعيان والوجاقلية والأفندية والكتبة بنسائهم وأولادهم. وأرسل إبراهيم بيك إلى السيد المحروقى بطلب/كساوى، فأرسل إليه مطوية وأخرجت لهم الخيام والتراتيب والنظام. وجروا على عادتهم فى التعالى فى الخدم والفراشين ونحو ذلك.
واستأذن العلماء والتجار والأعيان من مصطفى باشا وسر عسكر الفرنساوية فى التوجه للسلام على الوزير فأذن لهم، فذهبوا وقابلوا نصوح باشا والى مصر وسلموا عليه وباتوا بوطاقه. واستأذن لهم فى الدخول عند الوزير فأذن لهم. ولما استقر بهم الجلوس سأل عن أسمائهم وخلع عليهم. وانصرفوا من عنده وطافوا على أكابر الدولة بالعرضى، وكذلك على الأمراء المصريين ورجعوا إلى مصر وصحبتهم قاضى العسكر.