وأما الفرنساوية فجعلوا الأيام الثمانية ظرفا لجمع عساكرهم وطوائفهم بساحل البحر من مصر القديمة إلى شبرا، وترددوا إلى نواحى القلاع ولم يكن بها أحد، واجتهدوا فى رد الجبخانة والذخيرة وآلات الحرب والمدافع على العربات ليلا ونهارا والناس يتعجبون من ذلك. ومصطفى باشا قائم مقام ومن معه مشاهدون لذلك، ولم يقولوا شيئا حتى شحنوا القلاع بالعساكر والآلات، وكان قد بلغهم أن الوزير قد اتفق مع الإنكليز على الإحاطة بهم إذا صاروا بظاهر البحر. وهذا هو الذى ألجأهم إلى الرجوع والاستعداد، ثم بعد ذلك خرجوا بأجمعهم إلى ظاهر المدينة جهة قبة النصر، وانتشروا فى تلك النواحى ولم يبق إلا من كان بداخل القلاع، وبعض أشخاص ببيت الألفى فى الأزبكية.
ثم فى عشرين من الشهر أرسلوا مصطفى باشا وحسين أغا نزلة أمين إلى الجيزة، وفى الثالث والعشريم منه هجموا قبل الفجر على عساكر الوزير وجهة المطرية، فلم يسع العساكر الفرنساوية سوى الفرار وتركوا خيامهم ووطاقهم.
وركب نصوح باشا ومن كان معه وطلبوا جهة مصر فتركهم الفرنساوية ولحقوا بالذاهبين من العثمانية إلى جهة العرضى بالخانكاة بعد أن نهبوا عرضى نصوح باشا وسمروا المدافع. ولما قربوا من الخانكاة أمروا الوزير بالارتحال بعد أربع ساعات فلم يسعه إلا الارتحال والفرنساوية فى أثره وغالب عساكره متفرقة فى البلاد لجمع الأموال.
وكان ذلك بعد حرب انتصر فيه الفرنساوية عليه ونهبوا وطاقه وحملاته.
ووصل إلى بلبيس فترك بها بعض العسكر مع عثمان بيك حسن، واستمر فى هزيمته إلى الصالحية، فلما حضر الفرنسيس إلى بلبيس حاربوا من بها وأثخنوهم ثم أمنوهم وأخذوا سلاحهم، واصطف الفرنسيس صفين والسيوف بينهم مثل القنطرة، وأمروهم بالمرور من تحتها وتركوهم فتشتتوا فى البلاد، واستمر الوزير منهزما إلى أن بعد من الصالحية.