وأما أهل مصر فإنهم لما سمعوا أصوات المدافع كثر فيهم اللغط فلم يعرفوا حقيقة الحال فهاجوا ورمحوا إلى أطراف البلد وقتلوا أشخاصا من الفرنساوية.
وذهبت شرذمة من عامة أهل مصر وانتهبت الخشب وبعض ما وجدوه فى عرضى الفرنساوية.
وخرج السيد عمر النقيب والسيد أحمد المحروقى، وانضم إليهما أتراك خان الخليلى والمغاربة الذين بمصر وحسين أغا شنن أخو أيوب بيك/الصغير وكثير من العامة. وتجمعوا على التلول خارج باب النصر وبأيدى كثير منهم النبابيت والعصى. وطافت العامة بالأزقة، وخرج كثير إلى خارج البلد، فلما ضحى النهار حضر بعض المجاريح من المصريين إلى المدينة وسألهم الناس فلم يخبروهم بحقيقة الحال.
وفى وقت العصر دخل كثير ممن كان خارج البلد ولهم صياح وضجة ومع طائفة منهم إبراهيم بيك ومع أخرى عثمان كتخدا الدولة ثم نصوح باشا ومعه عدة وافرة من عساكرهم، والسيد عمر المحروقى وحسن بيك الجداوى، وعثمان بيك المرادى، وعثمان بيك الأشقر، وعثمان بيك الشرقاوى، وعثمان أغا الخازندار، وإبراهيم كتخدا مراد بيك المعروف بالشابورى، وجملة من المماليك والأتباع، فدخلوا من باب النصر وباب الفتوح ومروا على الجمالية حتى وصلوا إلى وكالة ذى الفقار. فقال نصوح باشا عند ذلك للعامة: اقتلوا النصارى وجاهدوا فيهم. فعندما سمعوا ذلك منه هاجوا وأوقعوا بمن صادفوه من نصارى القبط والشوام. وذهبت طائفة إلى حارة النصارى وبيوتهم التى بين السورين وباب الشعرية، وجهة الموسكى، وكبسوا الدور وقتلوا الرجال والنساء والصبيان حتى اتصل ذلك بالمسلمين المجاورين لهم. فتحزبت النصارى، وجمع كل منهم ما قدر عليه من العسكر الفرنساوية والأروام. ووقع الحرب بينهم وبين المسلمين، وصارت النصارى ترمى بالبندق والقرابين من طبقات الدور على المجتمعين بالأزقة من العامة. ومات نصوح باشا وكتخدا الدولة