للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما وصلوا إلى سر عسكر وجلسوا عنده خاطبهم على لسان الترجمان بما حاصله: أن سر عسكر قد أمن أهل مصر أمانا شافيا، وأن الكتخدا يتوجه هو ومن دخل مصر من العساكر العثمانية إلى الوزير وعلى سر عسكر القيام بما يحتاجون إليه من المؤنة، ومن أراد المقام بمصر من المماليك والغز فليقم، ومن أراد الخروج فليخرج، وأن الجرحى من العثمانيين يجردون من سلاحهم وإن كان الكتخدا يحب أخذه فليأخذه، وعلينا أن نداويهم حتى يبرءوا، ومن أقام بعد البرء منهم فعلينا مؤنته، ومن أراد الخروج بعد برئه فليخرج، وعلى أهل مصر الأمان، فإنهم رعيتنا وتوافقوا على ذلك.

وشاع أمر الموادعة وقالوا لهم بعد كلام طويل: قولوا لهم يخرجون ويلحقون بوزيرهم فإنهم لا طاقة لهم بحربنا وإلا فيكونون سببا لهلاك الرعية وحرق البلدين مصر وبولاق. فقال لهم المشايخ: نخشى إذا جنحوا للموادعة وذهبوا إلى سر عسكرهم ان تنتقموا منا ومن الرعايا. فقالوا لهم: إنهم إذا رضوا ومنعوا الحرب اجتمعنا معهم ومعكم وعقدنا صلحا ولا نطالبكم بشئ، والذى قتل منا فى نظير الذى قتل منكم. ونعطيهم ما يحتاجون من خيل وإبل ونصحبهم من يوصلهم إلى مأمنهم ولا نضر أحدا بعد ذلك.

فلما رجع المشايخ بهذا الكلام وسمعه الينكشارية والناس قاموا عليهم وسبوهم وشتموهم وضربوا الشرقاوى والسرسى ورموا عمائمهم، وصاروا يقولون:

هؤلاء المشايخ ارتدوا وصاروا فرنسيس، ومرادهم خذلان المسلمين وأنهم أخذوا دراهم من الفرنسيس.

ثم نادى المغربى من عند نفسه: الصلح منقوض وعليكم بالجهاد، ومن تأخر ضرب عنقه، وكان الشيخ السادات ببيت الصاوى فخاف على نفسه وتحير واحتال بأن خرج وأمامه شخص ينادى بقوله: التزموا المتاريس. ليقى بذلك نفسه. ومن العامة من يقول: لولا أن الكفرة الملاعين تبين لهم الغلب والعجز ما طلبوا المصالحة والموادعة. وإن باردوهم وذخيرتهم فرغت، وضربوا