التكية والباقى ببيت سر عسكر وضيقوا عليهم. وفى يوم الثلاثاء أطلقوهم وسلموهم البشتيلى وأمروهم أن يقتلوه بأيديهم لدعواهم أنه هو الذى كان يحرك الفتنة ويمنع من الصلح. وأنه كاتب عثمان كتخدا بمكتوب قال فيه: إن الكلب دعانا إلى الصلح فأبينا. وأرسل المكتوب إلى الكتخدا، فوقع فى يد سر عسكر كليبر، فحركه ذلك على أخذ بولاق وفعله ما فعله. وقابل البشتيلى بأن أسلمه إلى عصبته وأمرهم أن يطوفوا به البلد، ثم يقتلوه ففعلوا وقتلوه بالنبابيت. وألزم أهل بولاق بأن يرتبوا ديوانا لفصل الأحكام وقيدوا فيه تسعة من رؤسائهم. ثم بعد يومين ألزمهم بغرامة مائتى ألف ريال.
وأما المدينة فلم يزل الحال بها على النسق المتقدم إلى السادس والعشرين من الشهر حتى ضاق خناق الناس من عدم الراحة لحظة فى ليل أو نهار، مع الجوع وعدم القوت للناس والدواب وأذية عسكر العثمانية للرعية وخطفهم ما يجدون معهم حتى تمنوا زوالهم ورجوع الفرنسيس لحالتهم الأولى. وكل يوم يزحف الفرنسيس إلى قدام والمسلمون إلى وراء، فدخلوا من ناحية باب الحديد وغيرها مما تقدم إلى أن وصلوا إلى باب الشعرية وملكوا كوم الريش. وكان المحروقى زوّر كتابا على لسان الوزير فذكر فيه أن الوزير يقوم بعد يومين أو ثلاثة. ولم يزل البرديسى والأشقر ساعيين فى الصلح إلى أن وقع الصلح وتم. وأخذت العثمانية وأمراء العسكر فى أهبة الرحيل، وزودهم الفرنساوية وأعطوهم دراهم وجمالا، وكتبوا بعقد الصلح فرمانا مضمونه:
أنهم يعوقون عندهم عثمان بيك الأشقر وعثمان بيك البرديسى، ويرسلون ثلاثة من أعيانهم يكونون بصحبة عثمان كتخدا إلى الصالحية، وأن من جاء من جهة يرجع إليها، ومن أراد الخروج من أهل مصر معكم فليخرج ما عدا عثمان بيك الأشقر فإنه إذا رجع الثلاثة الفرنساوية يذهب مع البرديسى إلى مراد بيك بالصعيد.
وأرسلوا الثلاثة المذكورين إلى وكالة ذى الفقار وأجلسوهم بمسجد الجمالى مع نصوح باشا. فهمت العامة بقتلهم، فأغلق دونهم باب الخان