وأقمنا على ذلك برهة، كلما استمر حفظى كثر وجاد، وفهمى قوى واستنار، وذهنى احتد واستقام. وأنا ألزم الشيخ وشيوخ الشيخ.
وأول ما ابتدأت حفظت اللمع فى ثمانية أشهر، أسمع كل يوم شرح أكثرها مما يقرأه غيرى. وأنقلب إلى بيتى وأطالع شرح الثمانين، وشرح الشريف عمر بن حمزة، وشرح ابن برهان الدين، وكل ما أجد من شروحها.
وأشرحها لتلاميذ يختصون بى إلى أن صرت أتكلم على كل باب كراريس ولا ينفد ما عندى.
ثم حفظت أدب الكاتب لابن قتيبه حفظا متقنا، أما النصف الأول ففى شهور، وأما تقويم اللسان ففى أربعة عشر يوما لأنه كان أربعة عشر كراسة. ثم حفظت مشكل القرآن له، وغريب القرآن له، وكل ذلك فى مدة يسيرة. ثم انتقلت إلى الإيضاح لأبى على الفارسى فحفظته فى شهور كثيرة ولازمت مطالعة شروحه وتتبعته التتبع التام حتى تبحرت فيه وجمعت ما قاله الشراح.
وأما التكملة فحفظتها فى أيام يسيرة كل يوم كراسة. وطالعت الكتب المبسوطة والمختصرات. وواظبت على المقتضب للمبرد، وكتاب ابن دستوريه. وفى أثناء ذلك لا أغفل عن سماع الحديث والتفقه على شيخنا ابن فضلان بدار الذهب، وهى مدرسة معلقة بناها فخر الدولة بن المطلب.
قال: وللشيخ كمال الدين مائة تصنيف وثلاثون تصنيفا أكثرها فى النحو وبعضها فى الفقه والأصولين وفى التصوف والزهد. وأتيت/على أكثر تصانيفه سماعا وقراءة وحفظا. وشرع فى تصنيفين كبيرين أحدهما فى اللغة والآخر فى الفقه ولم يتفق له إتمامهما. وحفظت عليه كتاب سيبويه، وأكببت على المقتضب فأتممته.
وبعد وفاة الشيخ تجردت لكتاب سيبويه ولشرحه للسيرافى. ثم قرأت على ابن عبيدة الكرخى كتبا كثيرة منها: كتاب الأصول لابن السراج والنسخة فى وقف ابن الخشاب برباط المأمونية. وقرأت عليه الفرائض والعروض للكاتب التبريزى وهو من خواص تلامذة ابن الشجرى.