وأما ابن الخشاب فسمعت بقراءته معانى الزجاج على الكاتبة شهدة بنت الآبرى، وسمعت منه الحديث المسلسل وهو:«الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء».
وقال أيضا موفق الدين البغدادى: أن من مشايخه الذين انتفع بهم كما زعم ولد أمين الدولة ابن التلميذ. وبالغ فى وصفه وأكثر، وهذا لكثرة بغضه للعراقيين. وإلا فولد أمين الدولة لم يكن بهذه المثابة ولا قريبا منها.
وقال: إنه ورد إلى بغداد رجل مغربى طويل، فى زى التصوف له أبهة، وليس مقبول الصورة، عليه مسحة الدين وهيئة الشياخة، يعتقل بصورته من رآه قبل أن يخبره. يعرف بابن تاتلى، يزعم أنه من أولاد الملتثمة. خرج من المغرب لما استولى عليها عبد المؤمن، فلما استقر ببغداد اجتمع عليه جماعة من الأكابر والأعيان. وحضر الرضى القزوينى وشيخ الشيوخ ابن سكينة.
وكنت واحدا من حضره. فأقرأ فى مقدمة حساب، ومقدمة ابن باب شاذ فى النحو.
وكان له طريق فى التعليم عجيب. ومن يحضره يظن أنه متجر. وإنما كان متطرفا، لكنه كان قد أمعن النظر فى كتب الكيمياء والطلسمات وما يجرى مجراها. وأتى على كتب ابن جابر بأسرها، وعلى كتب ابن وحشية. وكان يجلب القلوب بصورته ومنطقه وأبهته. واجتمع بالإمام الناصر لدين الله وأعجبه ثم سافر.
وأقبلت على الاشتغال وشمرت ذيل الجهد والاجتهاد، وهجرت النوم واللذات. وأكببت على كتب الغزالى: المقاصد، والمعيار، والميزان، ومحك النظر. ثم التفت إلى كتب ابن سينا صغارها وكبارها. وحفظت كتاب النجاة، وكتبت الشفاء وبحثت فيه. وحصلت كتاب التحصيل لبهمينار تلميذ ابن سينا.