للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن الدين عقبة وعرف ينادى على صاحبه، ونور وضياء يشرق عليه، ويدل عليه كتاجر المسك لا يخفى مكانه ولا تجهل بضاعته.

وكمن يمشى بمشعل فى ليل مدلهم. والعالم مع هذا محبوب أينما كان وكيف كان لا يجد إلا من يميل إليه ويؤثر قربه ويأنس به ويرتاح بمداناته.

واعلم أن العلوم تغور ثم تغور. تغور فى زمان وتغور فى زمان بمنزلة النبات أو عيون المياه وتنتقل من قوم الى قوم ومن صقع إلى صقع.

ومن كلامه أيضا نقلته من خطه قال: اجعل كلامك فى الغالب بصفات:

أن يكون وجيزا فصيحا فى معنى مهم أو مستحسن فيه إلغاز ما وإبهام كثيرا أو قليل، ولا تجعله مهملا ككلام الجمهور بل ارفعه عنهم ولا تباعده عليهم جدا.

وقال: إياك الهذر والكلام فما لا يعنى وإياك والسكوت فى محل الحاجة ورجوع النوبة إليك إما لاستخراج حق أو اجتلاب مودة أو تنبيه على فضلية.

وإياك والضحك مع كلامك وكثرة الكلام وتبتير الكلام، بل اجعل كلامك سددا بسكون ووقار بحيث يستشعر منك إن وراءه أكثر منه وإنه عن خميرة سابقة ونظر متقدم.

وقال: إياك والغلظة فى الكتاب، والجفاء فى المناظرة، فإن ذلك يذهب بهجة الكلام ويسقط فائدته ويعدم حلاوته ويجلب الضغائن ويمحق المودات ويصير القائل مستثتقلا سكوته أشهى إلى السامع من كلامه، ويثير النفوس على معاندته ويبسط الألسن بمخاشنته وإذهاب حرمته.

وقال: لا تترفع بحيث تستثقل ولا تتنازل بحيث تستخس وتستحقر.

وقال: واجعل كلامك كله جزلا، وأجيب من حيث تعقل لا من حيث تعتاد وتألف. وقال: انتزع عن عادات الصبا وتجرد عن مألوفات الطبيعه واجعل