للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فكانت هذه الليلة بالمنصورة من أحسن ليلة مرت بملك من الملوك.

وكان عند إنشاده يشير إذا قال: عيسى إلى عيسى المعظم. وإذا قال: موسى إلى موسى الأشرف. وإذا قال: محمدا إلى السلطان الملك الكامل.

وقد قيل أن الذى أنشد هذه الأبيات إنما هو راجح المحلى الشاعر، انتهى وقد ذكرنا عبارة المقريزى بتمامها فى الكلام على دمياط.

وفى كتاب سيرة بونابرت: إنه لما استولت الفرنساوية على الأقاليم المصرية ورتبوا الأقاليم، جعل أمير جيوشهم فى كل إقليم حاكما من رؤساء عساكرهم. فكان فى إقليم المنصورة الجنرال دوقا، وجعل فى مدينة المنصورة نفسها ما ينيف على مائة وثلاثين من العساكر الفرنساوية.

ومع أن البلاد كانت قد دخلت تحت طاعتهم، فكانت العرب لم تزل تناوشهم وأهالى البلاد لم يزالوا يضمرون لهم العداوة ويتمنون إزالتهم والقيام عليهم.

ومن ذلك ما وقع لهم فى مدينة المنصورة، فإن أهلها من حين إقامة عسكر الفرنسيس بها كانوا يدبرون الأمر بينهم فى القيام عليهم وطردهم منها.

وحيث كانت هذه المدينة بعيدة عن القاهرة وبرها متسع وعربها كثيرة، ولها سوق كل خميس يجتمع فيه كثير من الناس للبيع والشراء. ففى أحد أيام السوق قامت أهالى المدينة وكبسوا هؤلاء العساكر. وانتشب الحرب بينهم، فتضايق منهم الفرنساوية وكاد يفرغ ما عندهم من البارود. فخرجوا إلى البحر ونزلوا فى مراكب فتكاثرت عليهم اللموم المجتمعة، وكان ذلك وقت جبر النيل، فلم ترض رؤساء المراكب بالسير معهم. فالتجئوا إلى البر وقصدوا السير برا إلى مصر. فلم تمكنهم أولئك الأمم، وأورثوهم مواريث العدم. ولم يزالوا يكافحون عن أرواحهم ويدافعون إلى أن قتلوا عن آخرهم.