يلى مطلعها، وصور كثير من الكواكب والأفلاك، وصور الناس والحيوان ما بين قائم وماشى، ومادّ رجليه وصافهما، ومشمر للخدمة، وحامل آلات، ومشير بها يشعر ظاهر أمرها أنه قصد بها محاكاة أمور جليلة وأعمال شريفة، وهيئات فاضلة، وإشارات إلى أسرار غامضة، وإنها لم تتخذ عبثا، ولم يستفرغ فى صنعتها الوسع لمجرد الزينة والحسن.
وقد كان هذا البيت ممكنا على قواعد من حجارة الصوان العظيمة، فحفر تحتها الجهلة والحمقى طمعا فى المطالب، فتغير وضعه، وفسد هندامه، واختلف مركز ثقله، وثقل بعضه على بعض، فتصدع صدوعا كثيرة.
وقد كان فى هيكل عظيم مبنى بحجارة جافية على أتقن هندام وأحكم صنعة، وفيه قواعد وعمد عظيمة. وحجارة الهدم متواصلة فى جميع أقطار هذا الخراب، وفى بعضها حيطان مائلة بتلك الحجارة الجافية، وفى بعضها أساس، وفى بعضها أطلال.
ثم قال (١) ورأيت عقد باب شاهق ركناه حجران فقط، وأزجه حجر واحد قد سقط بين يديه. وتجد هذه الحجارة قد حفر بين الحجرين منها نحو شبرا فى ارتفاع إصبعين وفيه صدأ النحاس وزنجرته، فعلمت أن ذلك قيود للبناء، وتوثيقات للحجارة، ورباطات بينها بأن يجعل النحاس بين الحجرين، ثم يصب عليه الرصاص. وقد تتبعتها الأنذال فقلعوا منها ما شاء الله تعالى وكسروا لأجلها كثيرا من/الحجارة، حتى وصلوا إليها. ولعمر الله لقد بذلوا الجهد فى استخلاصها، وأبانوا عن تمكن من اللؤم وتوغل فى السخافة.
وأما الأصنام وكثرة عددها وعظم صورها فأمر يفوق الوصف، ويتجاوز التقدير. وأما اتقان أشكالها وإحكام هيآتها ومحاكاة الأمور الطبيعية بها، فموضع التعجب فى الحقيقة.