قال: والأهرام الثلاثة منها إثنان مبنيان على مستو واحد، والثالث فى أرض أعلى من أرضهما، وهو أقل منهما عظما، لكنه صرف عليه أكثر مما صرف على الواحد منهما؛ بسبب أنه من قاعدته إلى نصفه من الحجر الأسود الذى يصنع منه الأهوان، وهو يجلب من بلاد النوبة مع صلابته وصعوبة نحته.
انتهى.
واستبعد بعضهم ما قاله استرابون فقال: من يتأمل فى بناء الهرم وكبر أحجاره، يرى أنه لو بنى بالطريقة التى يقولها استرابون من أنه أحيط بالتراب لتسحب عليه الأحجار، لكان فى ذلك صعوبة لا غاية لها، وكان يلزمهم بعد بناء كل مدماك ردم جديد؛ لتعديل السطح المائل ورفعه، ولا يجوز على المصريين - الذين بهرت معارفهم وعلومهم الهندسية عقول الناس، وشهدت لهم جميع الأمم - أنهم يجهلون إستعمال الآلات لرفع الثقيل.
وكلام هيرودوط - السابق عليه بأجيال - صريح فى أنهم استعملوا الآلات فى رفع الأحجار. ومما يؤكد أن المصريين كانوا يستعملون الآلات فى رفع الأثقال، الصخرة الكبيرة الصوانية الموجودة فى الدهليز الضيق الموصل إلى أودة الملك التى فى الهرم نفسه؛ فإن لها أسنانا وألسنا معشقة فى نقور البناء الملتصق بها، بحيث أن من يراها لا يشك فى أنها إنما رفعت إلى ما هى عليه بالآلات، التى يتأتى معها تعشيقها فى محلها على هذا الوجه المكين ذكرا فى أنثى، وبغير الآلات لا يمكن ذلك. انتهى.
ويوافق ما قاله هيرودوط ما نقله المقريزى عن على بن رضوان الطبيب قال:
فكرت فى بناء الأهرام، فأوجب علم الهندسة العملية ورفع الثقيل إلى فوق، أن يكون القوم هندسوا سطحا مربعا، ونحتوا الحجارة ذكرا وأنثى، ورصوا بالجبس البحرى إلى أن ارتفع البناء مقدار ما يمكن رفع الثقيل، وكانوا كلما