إن جزت بالهرمين قل كم فيهما … من عبره للعاقل المتأمل
شبهت كلا منهما بمسافر … عرف المحل فبات دون المنزل
أو عاشقين وشى بوصلهما أبو … الهول الرقيب فخلفاه بمعزل
أو حائزين استهديا نجم السما … فهداهما بضيائه المتهلل
أو ظامئين استسقيا صوب الحيا … فساقهما عذبا روى المنهل
يفنى الزمان وفى حشاه منهما … غيظ الحسود وضجرة المتثقل
وفى بعض كتب الإفرنج ما معناه قال بعضهم: إن أبا الهول حدث بعد الأهرام بتسعة وعشرين قرنا، وما فيه من دقة الصنعة وضبط نسب الأعضاء والتاقطيع بعضها لبعض، يوجب الجزم بأن المصريين كانوا فى تلك المدة - وهى زمن العائلة الثامنة عشرة - على غاية من التقدم، ثم وصفه فقال: إن ارتفاع رأسه من طرف الذقن الى آخر التاج الموضوع فوق جسمه تسعة وثلاثون مترا، وارتفاعه من السطح الممتدة عليه الأرجل إلى آخر الرأس سبعة عشر مترا، وذقنه الآن مرتفعة عن الرمل بمقدار أربعة أمتار.
وعن يلين أيضا: أن ارتفاع أبى الهول من بطنه إلى نهاية الرأس اثنتان وستون قدما رومانية، عبارة عن سبعة عشر مترا ونصف. واستنبط بعضهم من تقاطيع وجهه أن صورته صورة حبشى أو صورة زنجى، وليس الأمر كذلك فقد حقق العارفون باللغة القديمة أنها صورة مصرية، ويدل على ذلك أثر البوية الحمراء التى كان مصبوغا بها الموجودة إلى الآن على أعضائه؛ فإن هذا اللون هو الذى كان مستعملا فى النقوش للدلالة على المصريين، ومن ذلك أثبتوا أنه تمثال لبعض فراعنة مصر، ويظهر أن هذا التمثال بقية جبل كان فى محله بأن نحتوه من جميع جوانبه، حتى أبقوه على هذه الصورة فى مكانه الأصلى؛ كما يدل لذلك الآثار الباقية آثارها فى الرأس إلى الآن. ولما قطعوا ما حوله من الجبل أبقوا له بسطة واسعة من كل جهة.