للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هناك من قبله، فجعله على بك سفيرا بينه وبين صالح بك، وجعل معه خليل بك الأسيوطى، وعثمان كتخدا الصابونجى، فلم يزالوا به حتى جنح لقولهم، واجتمع عليه بكفالة شيخ العرب همام، وتحالفا وتعاقدا على الكتاب والسيف، وكتبوا بذلك حجة، والتزم على بك أنه إذا تم لهم الأمر أعطى صالح بك جهة قبلى.

وسرّ شيخ العرب همام بذلك لصداقة صالح بك، وأمر بجمع المال والرجال، واجتمع عليه المتفرقون والمتشردون من الغز والأجناد والهوارة والشجعان، وكان فى المنية خليل بك السكران، فارتحل عنها إلى مصر هاربا.

واستقر على بك وصالح بك وجماعتهم بالمنية، وبنوا حولها أسوار إلى آخر ما تقدم، فعزم الأمراء بمصر على إرسال تجريدة إلى المنية، فتكلم الشيخ الحفناوى فى ذلك، وأفحمهم بالكلام وقال: أخربتم الأقاليم والبلاد، ولكم كل ساعة خصام وتجاريد، وعلى بك هذا رجل أخوكم وخشداشكم، أى شئ يحصل إذا أتى وقعد فى بيته واصطلحتم وأرحتم أنفسكم والناس. وحلف أن لا يسافر أحد بتجريدة مطلقا، وإن فعلوا ذلك لا يحصل لهم خير أبدا، فقالوا:

إنه هو الذى يحرك الشر، ويريد الإنفراد بنفسه ومماليكه، وإن لم نذهب إليه أتى هو إلينا، وفعل مراده فينا فقال لهم الشيخ: أنا أرسل اليه مكاتبة فلا تتحركوا بشئ حتى يأتى رد الجواب. فلم يسعهم إلا الإمتثال، فكتب إليه الشيخ مكتوبا، ووبخه فيه وزجره ونصحه ووعظه، فلم يلبث الشيخ بعد ذلك إلا أياما وتوفى إلى رحمة الله تعالى.

فيقال إنهم سموه ليتمكنوا من أغراضهم، وفى أثناء ذلك حضر إلى القلعة محمد باشا راقم واليا على مصر سنة إحدى وثمانين ومائة وألف، ثم جهزوا تجريدة خرج فيها حسين بك وستة من الصناجق غيره، ثم لحقتها تجريدة أخرى فيها ثلاثة صناجق فوقع الحرب بينهم ببياضة، وكانت النصرة لعلى بك وصالح بك.