نساء مصر قد أفسدت عكسر الخنكار حتى صاروا لا ينفعون فى القتال بشئ، وقص عليه القصة، فرسم الوالى بأن لا تخرج إمرأة من بيتها أبدا، ولا تركب حمار مكار مطلقا، وكل مكارا ركب إمرأة شنق من يومه بلا معاودة، ثم فى عقيب ذلك رأى إمرأة فى طريق الصحراء راكبة مع مكار، فأنزلوها وضربوها، وقطعوا إزارها، وهرب المكارى، وما خلصت إلا بعد جهد كبير وغرمت نحو أشرفيين، فلما استمر ذلك باع المكارية حميرهم واشتروا أكاديش، وشدوها بنصف رحل، وصار النساء يركبن عليها بسجادة، والمكارى يقود الكديش من اللجام، وهذه طريقة أهل إسلامبول.
واستمر الأمر على ذلك بالقاهرة، وركبت الخوندات والستات على الأكاديش، ومنهن من كانت تركب على بغل.
ويقرب من هذه الحادثة ما وقع فى أيام الأشرف برسباى أنه منع النساء من الخروج إلى الأسواق مطلقا، وكان الطعن واقعا بمصر، وكانت الغاسلة إذا خرجت لتغسيل ميتة تأخذ ورقة من المحتسب وتغرزها فى إزارها لتعلم أنها غاسلة، واستمر ذلك إلى أن مات برسباى بعد مدة يسيرة فرجع الأمر/لأصله.
ثم إن بعض الناس كلم قاضى العسكر فى أمر النساء أن يؤذن لهن فى الخروج للقبور والحمامات وزيارة الأقارب ونحو ذلك، فأذن بشرط أن لا تخرج إمرأة إلا مع زوجها، وأن لا يدخل الأسواق إلا العجائز، وأن لا يركبن إلا البغال والخيل.
ثم إنه فى السادس والعشرين من شعبان قصد القاضى التوجه إلى الحج الشريف، وقد أقام صالح أفندى نائبا عنه، وخرج معه عالم بكثرة، وأنعم عليه ملك الأمراء بعشرة آلاف دينار، وقبل سفره ولى ستا وعشرين نائبا من نواب القضاة الأربعة فى بولاق، ومصر العتيقة، وطولون والحسينية، وغيرها، وجعل فى كل مجلس أربعة من النوّاب، وجعل على كل مجلس شيئا معلوما، وجعل عليهم جاويشا عثمانيا يحفظ المتحصل كل يوم، فيقسم للقاضى منه شيئا،