دولتهم، ومدة إقامتهم بمصر، والواسطة العظمى بينهم، وبين الناس فى حوائجهم وقضاياهم، وكانت أوامره نافذة عند ولاة أعمالهم، حتى لقب عندهم، وعند الناس بكاتم السر، ولما رتبوا الديوان الذى رتبوه لإجراء الأحكام بين المسلمين فى قضاياهم، كان هو المشار إليه فيه. والموظفون فى الديوان تحت أوامره، وإذا ركب يمشون حوله وأمامه وبأيديهم العصى يوسعون له الطريق، حتى راج أمره فى أيامهم جدا وزاد إيراده وجمعه، واحتوى على بلاد وجهات وأرزاق، وأقاموه وكيلا فى أشياء كثيرة وبلاد وقرى يجبى إليه خراجها، ويأتيه الفلاحون بالهدايا والأغنام والسمن ونحو ذلك، وتقدم إليه دعاويهم، ويفعل بهم ما يفعله أهل الالتزامات من الحبس والضرب، ويبعث الأمان للفارين من الفرنسيس إلى بلاد الشام، والمختفين بالقرى من الأجناد وغيرهم، ويؤمنهم شفقة عليهم ويحمى دورهم وحريمهم، ويمانع عنهم فى غيابهم، ويكون له المنة العظيمة، وبالجملة فكان تصدره فى تلك الأيام نفعا صرفا، كم سدّ ثقوبا واسعة الحروف، وداوى برأيه جروحا وفتوقا، لا سيما أيام الخصومات والتنازع، وما يكدر طباع الفرنساوية من مخارق الرعية، فيتلقاهم بمراهم كلماته/ويسكن حدتهم بملاطفاته ولما مضت أيامهم، وتنكست أعلامهم، ووردت الدولة العثمانية، كان هو أعظم المتصدرين فى مقابلتهم، وقد بنى دارا عند باب الشعرية ولم يتمها، ثم إنه تزوج بابنة الشيخ أحمد البشارى، وكانت قبل ذلك تحت بعض الأجناد، وكانت فى دار جهة التبانة بالقرب من سوق السلاح، وسويقة العزى، ثم اشترى دارا عظيمة بناحية الموسكى، وكانت لبعض عتقاء بقايا الأمراء الأقدمين، يسلك إليها من باب الزقاق الكبير على ظهر قنطرة الخليج، التى تعرف بقنطرة الحفناوى، لقربها من داره، وبهذه الدار مجالس وقيعان متسعة، منها قاعة ذات ثلاثة لواوين مفروشة بأنواع الرخام الملوّن والقيشان، مطّلة على بستان عظيم من حقوقها، وتنتهى حدودها إلى حارة المناصرة، وكوم الشيخ سلامة، وحارة الإفرنج من الناحية