الأخرى. ولما عقد شراءها، دفع لهم دراهم، يقال لها العربون، وكتب حجة الشراء، وأخذ يوعدهم بدفع الثمن، ويماطلهم كعادته فى دفع الحقوق، ثم سافر إلى دمياط، وجعل يطوف فى بلاد التزامه وغيرها مثل المحلة الكبرى، وطنتدا، والإسكندرية، وغاب نحو الخمس سنين، وفى غيبته مات بائع الدار، وبقى من ورثته امرأة، فكانت تتظلم وتشتكى، فأعرضت أمرها لكتخدا بيك إلى أن حضر إلى مصر، فقبضت منه ما أمكنها من ثمن استحقاقها، ثم تقيد لإلقاء الدروس بالأزهر، إلى أن بدت الوحشة بين العزيز محمد على، والسيد عمر مكرم، فتولى السعى عليه سرا هو وباقى الجماعة، حسدا وطمعا؛ ليخلص لهم الأمر دونه، حتى أوقعوا به، وفى يوم خروج السيد عمر أنعم عليه الباشا بنظر وقف سنان باشا، ونظر ضريح الإمام الشافعى ﵁، وكانا تحت يد السيد عمر يتحصل منهما مال كثير، وعند ذلك رجع إلى حالته التى كان قد انقبض عن بعضها من السعى والتردد على الباشا، وأكابر دولته فى القضايا والشفاعات، وأمور الالتزام، والرزق فى بلاد الصعيد والفيوم وغيرهما، ومحاسبة الشركاء، ويجتمع حول درسه بالأزهر أرباب الدعاوى والفتاوى، فيقطع نهاره وليله طوافا وسعيا، وذهابا وإيابا، ولا يبيت فى بيت من بيوته فى الجمعة إلا مّرة أو مرتين، وكان إذا غاب لا يعلم طريقه إلا بعض أتباعه، وكان يذهب إلى بلد نهية بالجيزة أو غيرها، فيقيم أياما، وإذا قيل له فى ذلك قال:
أنا بيتى ظهر بغلتى، وعلى ما كان فيه من الغنى وكثرة الأمداد والمصرف، تراه مفقود للذة، عديم الراحة البدنية والنفسية. ويتفق أنه يذبح بداره الثلاثة أغنام لضيوف من النساء عند الحريم، ولا يأكل منها، ويذهب إلى بعض أغراضه ببولاق، ويتغدى بالجبن، أو الفسيخ أو البطارخ، ويبيت ولو على نخ أو حصير.
ولما مات الشيخ سليمان الفيومى عن زوجته المعروفة بالبحراوية، وكانت من نساء القدماء، مشهورة بالغنى، وكانت طاعنة فى السن، فاشترت لزوجها جارية بيضاء، وأعتقتها، وزوجتها له، ولم يدخل بها ومات عنهما، كان