للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجعل له فى نظير ذلك مسموحا يأخذه من شون ساحل طهطا، وكذا جعل مساميح لغيره من أرباب المضايف، ومن عائلة هذا القاضى الآن حماد بن مبارك القاضى، له دار واسعة ومضيفة بها منظرة بشبابيك من الخرط، وهو رجل صاحب رأى سديد، يؤدب أولاده ويعلمهم القراءة والكتابة، ويرفعهم عن طباع أهل الهلة من العجب والخيلاء والبطالة، فجعل منهم اثنين فى الأزهر، ومنهم من أناط به مصالح معاشه من زراعة وغيرها، ومنهم أطفال فى المكتب، وله جامع أمام بيته مقام الشعائر رتب خطيبه معلما لأولاده، وفى زمن فيضان النيل ينتقل عند هذه القرية سوق ناحية الكوم الأصفر كل يوم سبت.

ومنها ناحية الجبيرات بجيم فموحدة فمثناة تحتية ساكنة فراء مهملة فألف فتاء مصغرا، وهى واقعة فى حاجر الجبل أيضا فى جنوب نزلة القاضى بلا كبير فصل، بل ليس بينهما إلا نحو خمسة أمتار، وأكثر نخيلها كنزلة القاضى فى الجانب الشرقى، وفيها أبراج حمام وأربعة أضرحة، ذات قباب وبيوت مشيدة، ومضايف متسعة عديدة، وأكبر بيوتها وأعظمها وأشهرها بيت أولاد إسماعيل أبى حمد الله، وكان رجلا صالحا كريما حسن الأخلاق، وأعقب أولادا كانوا على غاية من الكرم وحسن السمت، منهم أحمد بن إسماعيل، كان هو العمدة وفاق أقرانه فى إطعام الطعام وإعطاء العطايا، ومنهم محمد أغافاق أخاه فى الكرم، وجعل ناظر قسم الهلة مدة فى زمن العزيز محمد على وبعده، ثم عوفى، ثم جعل ثانيا ناظر قسم بطهطا، ثم طما، وتعين فى تلك المدة على الأنفار الذين خصصوا على مديرية جرجا فى حفر القنال، الذى وصل البحر الأبيض بالبحر الأحمر، وكانت الأنفار مخصصة على جميع المديريات، ثم عاد ولزم بيته إلى أن توفى، قبيل سنة ثمانين، وكان جميل الصورة طويل القامة حسن الهيئة أبيض اللون بشوشا، سيما عند بيته وكان يحب أكل اللحم، يقدم له الخروف المحمر فلا يبقى منه إلا قليلا، على ما قيل، وقد أعقب كل منهما ابنا جليلا، وقد سلكا مسلك أبويهما فى الكرم، ومحاسن الأخلاق إلى الآن.