وقد جعل عبد الرحمن بن أحمد ناظر قلم مديرية دجرجا، ثم عضوا فى مجلس الزراعة بأسيوط، ثم لزم بيته وجعل رضوان بن محمد، حاكم خط بقسم طهطا، ثم عوفى وهم عمد بلدهم إلى الآن، ولهم قصر مشيد كقصور مصر تنزل فيه الحكام والعرب، ولهم مسجد هدمه وجدده عبد الرحمن بن أحمد؛ فجعله أعظم مساجد الهلة وجعل له منارة، ومنبرا من الخشب، وهو مقام الشعائر كما ينبغى ولهم جنينة فى شرقى البلد أغرقها البحر مرارا، ولا تنقطع ضيوفهم يوما فى السنة.
وبالجملة فهذا البيت أشهر بيوت بلاد طهطا كرما وأكثرها واردا، ويحق أن يقال فيهم:
(لهم جفان كالجوا … بى وقدور راسيات)
وفى هاتين القريتين يعمل ليلتان كل سنة فى نصف شعبان، أولاهما وهى ليلة الرابع عشر، يجعلونها للسيد البدوى، والثانية ليلة نصف شعبان، وهى الكبرى يجتمع فيهما نحو عشرة آلاف نفس من الخيالة والفقراء، والمطاوعة وأرباب الأشائر، ومشايخ الطرق والسجادات وأرباب الملاهى، والقهوجية والنقلية وغير ذلك، من نحو العطارين، ويقوم أهل القريتين بلوازم الليلتين من أكل وشرب، ونحو ذلك، فيؤكل فيهما نحو مائتى أردب من القمح والذرة والشعير والفول، ويذبح فيهما نحو الخمسين من الإبل والجاموس، ومن الضأن نحو الثلثمائة، وأكثر ذلك من بيوتهما المشهورة كبيت/أبى سديرة وبيت القاضى، وأكثر الجميع فى ذلك بيت أبى حمد الله قيل: إنه يطحن فى الليلتين نحو ستين أردبا من القمح، والذرة غير الشعير، والفول لعليق الخيل والحمير، فمن قبيل المغرب تخرج البواطى والطشوت الكثيرة العدد مملؤة، وبالثريد للفقراء والمطاوعة، وبعد المغرب تخرج طباق النحاس الكبيرة، للأعيان والمجملين، ويستمر الأكل إلى ثلث الليل، وبعد طلوع الشمس كذلك إلى قرب الظهر.