الأبيض. فبعد مسيرة يومين من باريس، توجد عين ماء مرة، وبعدها بثلاثة أيام يوصل إلى محل الشب، وهو الذى كان يستخرج منه الشب فى الأزمان السالفة، وهو فى واد تجاه مدينة إدفو، وبقربه عيون ماء عذبة. وكان على قطعى الواحات فى أيام الملك الكامل محمد بن العادل أبى بكر، وفى أيام ابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب كل سنة حمل ألف قنطار من الشب إلى القاهرة، ويطلق لهم فى نظير ذلك ما على نصارى الواحات من الجوالى، ثم بطل ذلك، قال ابن مماتى فى رسالته: الشب: حجر يحتاج إليه فى أشياء كثيرة، أهمها: الصبع، وللروم فيه من الرغبة، بمقدار ما يجدونه من الفائدة، وهو عندهم مما لا بد منه، أو لا مندوحة عنه، ومعادنه بصحراء صعيد مصر.
وعادة الديوان أن ينفق فى تحصيل كل قنطار منه، بالليثى ثلاثين درهما. وربما كان دون ذلك، وتهبط به العرب من معدنه إلى ساحل قوص، وإلى ساحل أخميم، وسيوط وإلى البهنسا. ويحمل من أى ساحل كان إلى الإسكندرية أيام جرى الماء فى خليجها. قال: وهو يشترى بالليثى ويباع بالجروى. وآخر ما تقرر بيعه منه على تجار الروم، اثنا عشر ألف قنطار، ومهما زاد على ذلك، كان باجتهاد المستخدمين فيه، مع حفظ قلوب التجار.
فأما سعره فقد كان القنطار تردد من أربعة دنانير، إلى خمسة دنانير، وإلى ستة دنانير، وما بين ذلك، فأما ما يباع بمصر على اللبادين، والحصريين، والصباغين، فمقداره ثمانون قنطارا بالجروى فى السنة/وسعره سبعة دنانير ونصف، وليس لأحد أن يشتريه من العرب، ويرد به ليتجر فيه غير الديوان، ومتى وجد شئ منه مع أحد استهلك حسما للمادة وتغليظا فى العقوبة، ولم تجر العادة بحمل شئ منه إلى دمياط وتنيس، وإنما حمله إلى الإسكندرية.
ومنه نوع يسمى الكوادى يحضر من واحات، ويعتد به المستخدمون فى حوالتها كل قنطار بدينار وقيراطين.