قالوا بلغت العلا والسعد دار … قلت اسمعوا دى ركبتى طلعت فشار
دور
دا صاحبى لو قلب زى الحديد … وبدلتو فى الشمس كادت تقيد
صفته بجم يرمح بلعب الجريد … أو وسط كفاره وطار الغبار
إلخ، وكنت قبل هذه السنة ترقيت إلى قلم الترجمة، وترجمت فيها كتابا يسمى بعطار الملوك، وهو فى العطريات من مياه وزيوت وأدهان وخلاصات. فلما كانت سنة اثنتين وستين ومائتين وألف ندبت لقلم الكورنتينا بوظيفة المترجم بماهية مائة قرش، وكان هذا القلم فى الديوان الخديوى، تحت نظارة المرحوم باقى بيك، وكان للقلم رئيس فرنساوى أنا ترجمانه، وكان إذا تم أمر المجلس الذى كان يتشكل كل ثلاثاء بخصوص مصالح كورنتينات القطر المصرى بحضور كلوت بيك، والمسيو شيدفوه، وأحد العلماء، وأحد عمد التجار، يعرض الرئيس أعماله على باقى بيك شفاها، وكنت أترجم بينهما، فاتفق ذات يوم أنى كنت عملت قصيدة مدح فى باقى بيك وأخويه سامى وخير الله، وابن أخيه صبحى بيك، وكنت دخلت عليه مع ناظر القلم، وهو فى قاعة الاستراحة فى الديوان، وكان بمجلسه إذ ذاك كثير من الذوات ووجوه الدولة وقتئذ، مثل حسن باشا المناسطرلى، وباسليوس بيك وغيره، فبعد أن قضينا لزوم المصلحة، سألنى عما تعلمته فى المدرسة فقلت:
إنى تعلمت علوم العربية والفرنساوية وعددتها، فلما وصلت إلى علم العروض قال: أو تعرف العروض؟ قلت: نعم: قال: هذا هو علم الشعر فقلت: نعم قال:
أو قلت شعر؟ قلت: نعم ووجدت فرصة لتقديم القصيدة المذكورة، فأخرجتها وقرأتها فوقعت منه موقع الاستحسان، وكانت سببا لأن ترقيت يومئذ لرتبة الملازم الثانى بماهية مائتين وخمسين قرشا، وبدل التعيين اثنان وأربعون قرشا، وزادنى على ذلك علوفة لحمارى وها هو مطلعها: