للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واهتم أحمد بن طولون فى بنائه بنفسه، وصرف عليه ثمانين ألف دينار، فكان من أحكم الحصون، وبقى على ذلك أيام ابن طولون كلها، ثم بعد ذلك أهمل، فأخذه النيل شيئا فشيئا.

ولما تقلد الأمير محمد بن [طغج] (١) أميرا على مصر، نقل الصناعة إلى البر الشرقى فى شعبان سنة خمس وعشرين وثلثمائة، واتخذ الإخشيد في محل عمارة المراكب من الجزيرة بستانا سماه «المختار» (٢)، وصرف فى بنائه خمسة آلاف دينار، وجعل فيه دارا للغلمان، ودارا للنوبة وخزائن الكسوة، وخزائن الطعام. وكان الإخشيد يتنزه فيه ويفاخر به أهل العراق، واستمر هذا البستان محلا للنزهة إلى أن زالت الدولة الإخشيدية والكافورية. وقدمت الدولة الفاطمية من بلاد المغرب إلى مصر، فكان يتنزه فيه المعز لدين الله معد، وابنه العزيز بالله نزار، وصارت الجزيرة مدينة عامرة بالناس، ولها وال وقاض، وكان يقال: القاهرة، ومصر، والجزيرة.

فلما كانت أيام استيلاء الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالى وحجره على الخلفاء، أنشأ فى بحرى الجزيرة مكانا للنزهة سماه «الروضة» وتردد إليها ترددا كثيرا، فمن حينئذ صارت الجزيرة كلها تعرف «بالروضة».

فلما قتل الأفضل بن أمير الجيوش فى سنة خمس عشر وخمسمائة نقل المأمون (٣) البطائحى الوزير عمارة المراكب الحربية من الصناعة التى بجزيرة مصر إلى الصناعة القديمة بساحل مصر، وبنى عليها منظرة، كانت باقية إلى آخر أيام الدولة العلوية، فلما استبد الخليفة الآمر بأحكام الله أبو على


(١) فى الأصل طفج. وهو: محمد بن طغج الإخشيد تولى ٣٢٨ هـ، ولاه الخليفة العباسى المتقى بالله مصر والشام والحرمين، وعقد لولديه من بعده، نهاية الأرب ٢٨/ ٤٧.
(٢) انظر المغرب فى حلى المغرب، القسم الخاص بمصر، ص ١٦٠ - ١٦١؛ خطط المقريزى ١/ ٢٦٥.
(٣) هو أبو عبد الله محمد ابن الأمير نور الدولة أبى شجاع فاتك بن الأمير منجد الدولة أبى الحسن مختار المستنصرى. ولد ٤٧٨ هـ واعتقل وقتل ٥٢٢ هـ. خطط المقريزى ١/ ٤٦٢ - ٤٦٣.