للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منصور بن المستعلى بالله، أنشأ بجوار البستان «المختار» من جزيرة الروضة مكانا على النيل لمحبوبته الغالية البدوية وسماه «الهودج»، وصار يتردد إليه بالروضة للنزهة فيه، إلى أن ركب من القصر بالقاهرة يريد الهودج فى يوم الثلاثاء رابع ذى القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة، فلما وصل إلى رأس الجسر وثب عليه قوم من النزارية قد كمنوا له فى فرن تجاه الجسر بالروضة، وضربوه بالسكاكين حتى أثخنوه، وجرحوا جماعة من خدمه، فحمل إلى منظرة اللؤلؤة (١) بشاطئ الخليج ومات بها. وفى يوم قتله نهب سوق الجيزة.

قال ابن المتوج: اشترى الملك المظفر تقى الدين أبو سعيد عمر بن نور الدولة شاهنشاه بن نجم الدين بن [شاذى] (٢) بن مروان، وهو ابن أخى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، جزيرة مصر المشهورة «بالروضة» من بيت المال، وبقيت على ملكه إلى أن سير السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ولده الملك العزيز عثمان إلى مصر ومعه عمه الملك العادل، وكتب إلى الملك المظفر أن يسلم لهما البلاد ويقدم عليه إلى الشام. فلما ورد عليه الكتاب، ووصل ابن عمه الملك العزيز، وعمه الملك العادل، شق عليه خروجه من الديار المصرية، وتحقق أنه لا عود له إليها أبدا؛ فوقف مدرسته التى تعرف فى مصر بالمدرسة «التقوية»، وكانت قديما تعرف «بمنازل العز»، على الفقهاء الشافعية، ووقف عليها جزيرة الروضة بكمالها، ووقف أيضا مدرسة بالفيوم، وسافر إلى عمه صلاح الدين بدمشق فملكه حماة.

ولم تزل جزيرة الروضة منتزها للملوك ومسكنا للناس إلى أن ولى الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر


(١) بناها العزيز بالله، تقع على الخليج بالقرب من باب القنطرة، يرى الجالس فيها جميع أرض الطبالة، وسائر أرض اللوق. أمر الحاكم بأمر الله بهدمها سنة ٤٠٢ هـ. خطط المقريزى، ج ١/ ٤٦٧.
(٢) فى الأصل: شادى. والصحيح ما أثبتناه. وقد ذكر ابن خلكان أن شاذى بالشين المعجمة وبعد الألف ذال معجمة مكسورة وبعدها ياء مثناة من تحتها - وهذا الاسم عجمى، ومعناه بالعربى «فرحان». وفيات الأعيان، ج ١، ص ٢٥٩.