بن أيوب سلطنة مصر، فاستأجر الجزيرة من القاضى فخر الدين أبى محمد عبد العزيز ابن قاضى القضاة عماد الدين أبى القاسم عبد الرحمن بن محمد، المعروف بابن السكرى، مدرس المدرسة المذكورة، لمدة ستين سنة فى دفعتين، كل دفعة قطعة، فالقطعة الأولى من جامع غين إلى المناظر طولا، وعرضا من البحر إلى البحر. واستأجر القطعة الثانية وهى باقى أرض الجزيرة الدائر عليها بحر النيل حينذاك، واستولى على ما كان بالجزيرة من النخل والجميز والغروس بيد الجور.
ولما عمر الملك الصالح مناظر قلعة الجزيرة قطع النخل وأدخله فى العمائر، وأما الجميز فإنه كان بشاطئ بحر النيل صف جميز يزيد على أربعين شجرة، وكان منتزه أهل مصر تحتها فى زمن النيل والربيع، قطعت جميعها فى الدولة الظاهرية، وعمر بها شوانى، [عوض](١) الشوانى التى كان سيرها إلى جزائر قبرس وتكسرت هناك. واستمر تدريس المدرسة بيد القاضى فخر الدين إلى حين وفاته. ثم وليها بعده ولده القاضى عماد الدين أبو الحسن علىّ، وفى أيامه سلم له القطعة المستأجرة من الجزيرة أولا، وبقى بيد السلطنة القطعة الثانية إلى الآن، وكان الإفراج عنها فى شهور سنة ثمانية وتسعين/وستمائة فى الدولة الناصرية، ولم يزل القاضى عماد الدين مدرسها إلى حين وفاته، فوليها ولده وهو مدرسها الآن فى شعبان سنة أربع عشرة وسبعمائة. وقال السيوطى فى كتابه «كوكب الروضة»: أدى بعد ابن فتوح وتطاول عصره إلى ضرر عظيم بحيث خرجت عن وقف المدرسة بالكلية للجهل بالحال، وتطاول الزمان، واندراس شرط الواقف، وضياع كتاب الوقف، وفقد من له اطلاع واسع.
(١) فى الأصل: عرض. والصحيح ما أثبتناه وفقا للسياق.