للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضها بحذاء بعض، وهى موثقة، ومن فوق المراكب أخشاب ممتدة فوقها تراب وكان عرض الجسر ثلاث قصبات، ولم يزل هذا الجسر المتصل بالروضة قائما إلى أن قدم المأمون مصر، فأحدث جسرا جديدا (١)، واستمر الناس يمرون عليه، وكان عبور العساكر التى قدمت من المغرب مع جوهر القائد على هذين الجسرين، وكان كرسى الجسر المتصل بالروضة حيث المدرسة الخروبية قبلى دير النحاس.

وقال القضاعى: لم يزل هذا الجسر قائما إلى أن قدم المأمون فأحدث الجسر الباقى اليوم، تمر عليه المارة، وترجع من الجسر القديم، وبعد أن خرج المأمون أتت ريح عاصف ليلا، فقطعت الجسر الغربى، وهدمت شقة الجسر المحدث وذهبا جميعا؛ فتعطل الجسر القديم وثبت الجديد. قال الكمال جعفر الأدفوى فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة: قلّ ماء النيل حتى صار ما بين المقياس ومصر يخاض، وصار من بولاق إلى منشأة [المهرانى] (٢)، ومن جزيرة الفيل (٣) إلى بولاق، ومنها إلى المينة طريقا واحدا، وبعد على السقائين موضع الماء، وبلغت راوية الماء در همين فضة، بعد أن كانت بربع درهم، فبلغ السلطان الملك الكامل شعبان غلاء الماء بالمدينة، وانكشاف ما تحت بيوت البحر من الماء، فركب ومعه الأمراء وكثير من أرباب الهندسة حتى كشف ذلك، فوجد الوقت قد فات بزيادة ماء النيل، واقتضى الرأى أن ينقل التراب والشقف من مطابخ السكر بمدينة مصر، وترمى من بر الجيزة إلى المقياس حتى يصير جسرا يعمل عليه، ويدفع الماء إلى الجهة التى انحصر عنها، فنقلت الأتربة وألقيت هناك إلى أن صار جسرا ظاهرا، وتراجع الماء قليلا إلى بر مصر، فلما قويت الزيادة علا الماء على هذا الجسر.


(١) المرجع نفسه/ ١٥.
(٢) فى الأصل: البهرانى، وهو خطأ. والمثبت من خطط المقريزى، ج ١، ص ٣٤٦. والاسم الصحيح لصاحب المنشأة هو: الأمير سيف الدين بلبان المهرانىّ.
(٣) انظر خطط المقريزى ج ٢/ ١٨٥.