أن حصل الوفاء فى أواخر شهر مسرى. وفى سنة سبعين وثمانمائة هجرية، تأخرت الزيادة ستة أيام إلى الحادى عشر من شهر مسرى، فتوجه الأمير تيمران (١) رئيس الخفراء والخدم إلى جزيرة المقياس فى الجمعة القابلة، وحرق الخيام، وطرد الناس المجتمعة هناك، فحصل للناس فى ذلك اليوم كرب وفزع، وفى سبع وعشرين من الحجة، زاد النيل، وحصل الوفاء، وقطع الخليج فى يوم عشرين من مسرى. وفى سنة إحدى وسبعين وثمانمائة تأخر النيل فى مبدأ أمره، فخاف الناس، وعلت الأسعار، وهجم كثير من الناس على بياعى الغلال وأساؤهم، فصدرت أوامر السلطان الظاهر خوشقدم إلى القضاة والمشايخ بأن يتوجهوا للصلاة عند المقياس، فسارعوا إلى ذلك، فأفاض الله النيل، ووفى، فى السادس عشر من مسرى الموافق لأول المحرم من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، فتوجه السلطان/ودهن عمود المقياس بالطيب ورجع، وحضر قطع الخليج، وكان ذلك آخر مدة حضر فيها قطع الخليج؛ لأنه توفى بعد ذلك بقليل.
وفى سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة هجرية كان الوفاء فى آخر يوم من شهر أبيب، وقطع الخليج فى أول يوم من مسرى، ووصل النيل إلى عشرين ذراعا وأحدا وعشرين إصبعا فى آخر بابة، وقطعت الطرق من جريان المياه، وغرقت أراض كثيرة فى جهة المنية وشبرى وجزيرة الروضة، وغرق طريق بولاق إلى القاهرة، وكذا أرض جزيرة الفيل وكوم الريش، وردم أغلب الآبار من الطين المجلوب مع الماء. وفى سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة هجرية، وفّى النيل فى اليوم الرابع من مسرى وقطع الخليج على يد أزبك، ومن حوادث هذه السنة أن جسر أبى المنجى كسر فى ليلة الوفاء من أوله إلى آخره، فحصل ضرر عظيم لجميع البلاد الواقعة تحت الجسر المذكور، وغرقت مخازن غلال
(١) كذا فى الأصل. وفى بدائع الزهور لابن إياس، ج ٢، ص ٤٤٠ - ٤٤١ أن الذى خرج إلى جزيرة المقياس هو والى القاهرة، تمر من محمود شاه الظاهرى.