للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جديلة الذى سمى الجبل باسمه، وكانت هذه الخطة تعرف «بالحمراء القصوى»، وكانت فى قبليها «الحمراء الوسطى»، وبعدها «الحمراء الأولى»، فكان أول الحمراوات على الكبش وبركة البغالة، وآخرها أمام الدير وتشرف على النيل، وكانت من أعمر أخطاط الفسطاط، وأهلها من أكثر الناس ثروة، واستمروا علي ذلك زمنا. ثم طرأت حوادث وفتن فخرب أغلب منازلها، وبقيت صحراء زمنا، ثم لما قدم مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية إلى مصر، منهزما من بنى العباس، نزلت عساكر صالح بن على وأبى عون عبد الملك بن يزيد فى هذه الصحراء حيث جبل يشكر حتى ملؤا الفضاء، فأمر أبو عون عساكره بالبناء فيه، وذلك فى سنة مائة وثلاث وثلاثين، فعرف بالعسكر من هذا التاريخ، وصار يقال الفسطاط والعسكر، فلما خرج صالح بن على من مصر خرب أكثر ما بنى من ذلك، إلى أن حضر موسى بن عيسى الهاشمى فابتنى فيه دارا أنزل فيها حشمه وعبيده، ثم أخذت العمارة من حينئذ/تزيد من سنة إلى أخرى. وقد أطال المقريزى فى شرح ما وصل إليه الفسطاط والعسكر من العمارية فراجعه. (١)

وفى آخر زمن الفاطميين، كان ساحل النيل قد مال كثيرا إلى الغرب، وحدثت أرض فيما بين قنطرة عبد العزيز والدير وقصر الشمع وابتنى الناس عليها، واتسع الفسطاط والعسكر اتساعا عظيما، حتى اتصلت عمائر العسكر بقناطر السباع وحدرة بنى قميحة التى منها خط السيدة والكبش، وكان به البركة العظيمة المعروفة ببركة قارون، وكانت تمتد من قبلى زين العابدين حيث العيون إلى باب زويلة الآن، وحولها الدور والبساتين ومن جملتها دار كافور الإخشيد التى محل بعضها الآن عمارة المرحوم حسين باشا حسنى، ومنزل أيوب بيك وبستانه العظيم، الذى بعضه الآن الأرض المنزرعة المملوكة


(١) خطط المقريزى ١/ ٣٣٠ وما بعدها.