للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفسطاط، فساقه من النيل إلى القلزم. اهـ.

وقد ذكرنا فيما تقدم أن [تراجان] (١) وأدريان هما اللذان مدا الخليج النيلى إلى قرب عين شمس، وأن [بطلميوس بن لاجوس] (٢) هو الذى مده إلى السويس.

وفيما ذكره صاحب الخطط أن عمرو بن العاص حفر هذا الخليج وأوصله ببحر القلزم، وسيّر فيه المراكب إلى الحجاز، فلا يبعد أنه زاد فيه على من تقدمه، وأنه جدد أغلبه، لأن من وقت البطالسة إلى الوقت الذى فتحت فيه مصر على يد عمرو بن العاص نحو من تسعمائة سنة، منها أربعمائة سنة مضت من وقت البطالسة إلى أن جدّده القيصر أدريان، وهى مدة - إذا تخللها الإهمال - كافية لطم الخليج وردمه بالأتربة، واستوجب ذلك حفر القيصر أدريان إياه، ومن وقت أدريان إلى فتوح مصر خمسمائة وسبع عشرة سنة وهى مدة طويلة، وقعت فيها حوادث شتى نشأ عنها بالضرورة إهمال الخليج حتى ارتدم فى أغلب مواضعه، وانفصلت البرك المرة عن البحر الأحمر بما تكون بينهما من العتب الذى حفر فى أيامنا هذه عند حفر خليج برزخ السويس المستجد.

ولما صدر أمر الخليفة إلى عمرو بن العاص، أصلح ما بقى من الخليج القديم، وكان ظاهرا، وجدد ما ناسب حفره حتى أوصله بالسويس واستعمل لنقل الميرة فى المراكب إلى الحجاز.

وذكر الكندى فى كتاب «الجند العربى»: أن عمرا حفره فى سنة ثلاث وعشرين، وفرغ منه فى ستة أشهر، وجرت فيه السفن ووصلت إلى الحجاز فى الشهر السابع، ثم بنى عليه عبد العزيز بن مروان قنطرة فى ولايته على مصر، ولم يزل يحمل فيه الطعام حتى حمل فيه عمر بن عبد العزيز، ثم أضاعته الولاة بعد ذلك، فترك وغلب عليه الرمل، فانقطع وصار منتهاه إلى ذنب التمساح من


(١) فى الأصل: تارجان. والمثبت هو الصحيح.
(٢) فى الأصل: بطليموس لاغوس.