وقال ابن الطوير:«إن مسافته خمسة أيام، وكانت المراكب النيلية تفرّغ ما تحمل من ديار مصر بالقلزم، فإذا فرغت حملت من القلزم ما وصل من الحجاز وغيره إلى مصر، وكان مسلكا للتجار وغيرهم». انتهى.
وما دوّنه الفرنج فى كتبهم عمن ساحوا فى الديار المصرية فى الأزمان السالفة، ورووه عن أهل الخبرة باللسان المصرى القديم يدل على أن اتصال النيل بالبحر الأحمر حدث عن اتساع ملك مصر فى الأزمان الغابرة، وكثرة/ التجارة التى كانت مصر مركزها العام. ولم يقتصروا على وصل النيل بالبحر الأحمر، بل شقوا البرزخ بخليج كان بين البحرين الأبيض والأحمر.
وقد تكلم ديودور الصقلى، الذى ساح أرض مصر بعد هيرودوط بنحو أربعمائة سنة، على هذا الخليج فقال:«إنه عمل خليج يوصل بين مينا مدينة الطينة والبحر الأحمر، ونيخوس هو الذى بدأ فى عمله، ومات قبل أن يتمه، وداريوس ملك الفرس استمر فيه، ولكنه أمر بقطع العمل فيه عند ما بلغه أن مياه البحر الأحمر أعلى من أرض مصر فتغرق عند فتحه». اهـ.
ويظهر من قول ديودور هذا أنه كان قد ابتدأ فى عمل خليج يصل أحد البحرين بالآخر، فعبارته فى خليج التوصلة لا فى الخليج الآخذ مياهه من النيل الذى تكلم عليه هيرودوط فيما تقدم.
ومن هنا يعلم أنه كان يوجد فى الأزمان السابقة بصحراء برزخ السويس خليجان:
أحدهما: يمتلئ من المياه النيلية كما عليه الإسماعيلية الآن وكان يصب فى البرك المرّة عند السيرابيوم.
والآخر: كان مبدؤه من البحر الأبيض عند مدينة الطينة ويتصل بالبحر