وقد شاهد لينان باشا آثار هذا الخليج المالح، وذكره فى كتابه الذى كتبه «فى أعمال مصر» فقال: «إن أوله عند محطة القنطرة الواقعة على طريق الشام، ويمتد إلى أن يكون آخره عند بركة التمساح الواقعة عليها مدينة الإسماعيلية الآن».
وما ذكره ديودور من أن ارتفاع مياه البحر الأحمر فوق أرض مصر، هو الذى أورث الخوف حين ذاك واستوجب عدم إتمام خليج البحرين، صحيح. وبيانه أنه ثبت الآن ثبوتا يقينيا بما عمل من الموازين الصحيحة الهندسية: أن البحرين الأحمر والأبيض يكونان فى بعض الأوقات فى مستوى واحد تقريبا، ثم فى حالة المدّ لا يرتفع سطح مياه البحر الأبيض غير ثمانية وثلاثين سنتيمترا، وأما البحر الأحمر فيرتفع سطح مائه فى المد المتوسط مترا وسبعة أعشار متر، وفى النهاية العظمى يبلغ مترين وأربعة أعشار متر. فمياه البحر الأحمر فى حالة المد تكون عالية على سطح مياه البحر الأبيض، ولذلك نرى تيار الماء وجريانه فى خليج البرزخ المحفور الآن من جهة البحر الأحمر إلى البحر الأبيض. وفى الزمن القديم حينما كان البحر الأحمر آخره بحيرة التمساح، كانت سرعة جريان الماء فى خليج توصلة البحرين أكثر مما هى الآن، فإن الإنحدار فى تلك الأزمان كان أعظم بسبب قصر المسافة التى كانت بين البحرين، ولكون الأرض التى كانت تزرع بقرب مدينة الطينة - وهي ممتدة إلى مدينة صان الحجر وغيرها مما غطته مياه بحيرة المنزلة - كانت منحطة كما هى الآن عن مياه البحر الأحمر، لو أطلقت هذه المياه لغرقت جميع الأراضى. وحيث أن فرع الطينة الذى هو أحد فروع النيل السبعة، وبعضه الآن هو مصرف أبى الأخضر بالقليوبية كان موجودا، وكان يمتد فى داخل مديريتى الشرقية والقليوبية، ويصل إلى النيل من جهة، وإلى مدينة الطينة على البحر الأبيض من جهة أخرى.
فالخليج المالح إن كان متصلا به فضرورة يطرد ماؤه ماء النيل، ويرتفع فى