فرع الطينة إلى مسافة بعيدة، ويضر بأرض الزراعة والبلاد، كما هو الحاصل الآن فى زمن التحاريق من صعود المياه المالحة فى فرعى دمياط ورشيد إلي مسافة بعيدة، ومن هنا يظهر أن خوف المصريين على بلادهم من الغرق بالمياه المالحة كان مؤسسا على معلومات يقينية صحيحة.
ويظهر من قول أبى الفداء أن أثر خليج البحرين كان موجودا فى زمن عمرو ابن العاص، فإنه قال: إن عمرو بن العاص رغب فى عمل خليج يبتدئ من البحر الأحمر ويمتد إلى الفرمة، وعبد الرشيد البغوى بعد أن قال ما قاله أبو الفداء، زاد عليه قوله: إن الخليفة عمر بن الخطاب ﵁ هو الذى عارض فى ذلك، وقال ما معناه: إن هذا الاتصال ربما أوجب نهب الأروام حجاج بيت الله الحرام. ويستفاد من قول استرابون الجغرافى: أن خليج البحرين كان يصب فى البحر الأحمر بقرب مدينة أرسنويه، ويستفاد من قول استرابون أيضا وبلين وغيرهما أن هذه المدينة كانت بقرب السيرابيوم، أنشأها أحد البطالسة وسماها باسم أخته، وجعلها فى آخر البحر الأحمر، ومن هنا يظهر أن البحر الأحمر كان قد تأخر عن بركة التمساح إلى السيرابيوم: يعنى عند البرك المرة. وقال استرابون أيضا: إن خليج البحرين كان يمر بالبرك المرة، وكانت مياهها مالحة قبل أن تختلط بها المياه النيلية، بعد أن عمل الخليج الموصل إليها ماء النيل، ولهذا السبب كثر بها السمك والطيور، ثم قال إن أول من شرع فى عمل خليج البرزخ هو ملك مصر سيزوستريس قبل حرب تروادة، وقد استدل من الآثار على أن جلوس هذا الملك على تخت مصر كان قبل المسيح بألف وأربعمائة سنة، فلا يبعد كون هذا الملك أصلح/خليج سلاطيس الذى ذكره المقريزى وغيره لانتفاع التجار به، وحذا حذوه من اشتغل بسعادة مصر ممن أتى بعده من الملوك مثل نيخوس، الذى عاجله الموت قبل إتمامه، واستمر فى العمل فيه بعده دارا ملك الفرس، وكان قد قرب من إتمامه لولا أنه خاف من غرق مصر