للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تكون فى نهاية البحر الأحمر كما قدمنا؛ لأجل أن تستند عليها مياه البحر الأحمر ولا تدخل فى الخليج إلا عند فتح السد أو السدود؛ لأجل دخول المراكب وخروجها، وكانت مياه البحر الأبيض هى التى تملأ خليج البرزخ، وبسبب انحطاط مستويها عن أرض الزراعة المجاورة لمدينة الطينة وغيرها كانت لا تفسدها، أو الفاسد بسببها يكون قليلا لا يذكر، وزعم بعضهم غلطا:

أن أثر المبانى الموجودة بقرب مدينة السويس عند التل الباقى من آثار القلزم، هو من بقية السد القديم، وليس كذلك، بل هو آثار قنطرة قديمة كانت على الخليج النيلى فى الزمن السابق، وتكلم عليها المقريزى وغيره وقالوا: إنها عملت لمرور الحجاج من عليها إلى عيون موسى فى البر الثانى من البحر الأحمر، ولا يبعد كونها عملت عند الفتح بعد إتمام الخليج، لتمنع ضياع المياه النيلية فى المالح، كما هو الحال الآن بعد إتمام فرع الترعة الحلوة، فإن القنطرة التى بنيت فى نهايته عند مدينة السويس تسد ولا ينصرف منها إلا ما يلزم صرفه.

ويعلم مما قاله بلين المؤرخ: أن خليج البحرين كان عرضه أربعين قدما، وكانت المراكب الكبيرة لا تعبره.

وقال بلوتارك: إن أنطوان دخل الإسكندرية قبل الواقعة التي عقبها استيلاء الرومانيين على مصر بعد موت كلوبترة، فوجد أنطوان المذكور كليوبترة مشغولة بالبحث عن حيلة تنقل بها ذخائرها وأموالها بالمرور بمراكبها من خليج البرزخ، ووقع ذلك بعد ثلثمائة سنة من تطهير الخليج وإصلاحه فى زمن [بطلميوس] (١) الثانى، فلولا أن خليج البرزخ كان قد اعتراه التلف وردم، ونشأ عن ذلك قلة عمقه وسعته؛ ما وقعت كليوبترة فى الحيرة، والأرجح أن خليج البرزخ كان قد أهمل، وكانت التجارة فى ذاك الوقت تتبع طريق صحراء عيذاب، أى القصير القديمة، ثم تتبع النيل بعد ذلك وتسير فيه إلى أن تكون فى البحر الأبيض.

ثم لما استولى الرومانيون على مصر - بناء على قول بلوتارك - أصلح خليج


(١) فى الأصل: بطليموس.