للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الفراعنة تهتم بسد أفواه هذه الفروع عن البحر الملح وتحصينها؛ لمنع العدوّ من دخول البلاد، ومنع البحر الملح من أن يهجم على الأرض الزراعية فيفسدها، وبذلك كانوا آمنين من تلك الغوائل، وكانت أرض بحيرة المنزلة وبحيرة رأس الهيش والبرلس وإتكو (١) من ضمن زمام المزروع من أرض وادى النيل، وكانت مدينة الطينة مركز إقليم عامر بالناس، غاص بالمحصولات الزراعية كغيره من جهات القطر، ولما تغير هذا النظام بتغير الدول وتكاثرت الفتن وأسباب الدمار، أهملت تلك الأعمال والاحتراسات، فهجم البحر الرومى على أرض السواحل وغرّقها، فصارت بحائر، وخلت من السكان والزرع كما هى حالتها الآن، وتدمرت المدن والقرى التى كانت فى أرض البرزخ، وكان يسكنها بنوا إسرائيل فى الأزمان السابقة.

وقد حصل العثور على آثار بعضها عند فتح الخليج المالح والترعة الحلوة والتلال الموجودة قرب مدينة الطينة فى جهتها الغربية فى داخل أرض مصر، هى آثار مدن قديمة هلكت كمدينة دفنا المذكورة فى تواريخ العرب وغيرهم.

ومن يتصفح التواريخ يعلم أن مدينة الطينة، المعروفة قديما بمدينة أواريس، كانت واقعة على ساحل البحر الرومى فى طريق الشأم.

وفى زمن الفراعنة كانت حصن القطر من هذه الجهة، وكان يقيم بها الحرس لحفظ هذه النواحى، كما كانت مدينة أسوان حصنا له من الجهة القبلية، وقرية الراقودة التى صار مكانها الآن مدينة الإسكندرية حصنا له من الجهة الغربية.

وقد هجم العدو على مدينة الطينة ثلاث عشرة مرة كما هو ثابت فى كتب المؤرخين، فقد هجم عليها الهكسوس المعروفون بالرعاة والمشهورون عند العرب بالعمالقة، وكان ذلك قبل المسيح بألفى سنة وثمانمائة وخمسين


(١) المعروفة الآن بإدكو.