وخليج البرزخ، وجعل بهما سدودا من الخشب عند تلاقيهما بالبرك المرة، فكانت مراكب الأحمر متى بلغت البرك المرة المذكورة، وأرادت الدخول فى أرض مصر دخلت فى خليج النيل، وإن رغبت فى الذهاب إلى البحر الرومى دخلت فى خليج البرزخ، وسارت إلى البحر المذكور، وتوفر على التجار بعمل السدين المذكورين مصاريف النقل من المراكب بعضها لبعض، وفرحوا بما زاد فى أرباحهم، واتسع به نطاق تجارتهم. وأمر بطليموس بعمل طريق فى صحراء عيذاب، أولها من مدينة قفط بالصعيد الأعلى، وبنى بها محطات وصها ريج لخزن الماء، ورتب فيها العساكر لخفارة المحطات وأمن التجارة، فتبعها الناس وسار فيها أغلب تجار البحر الأحمر، فكانت المراكب تأتى إلى عيذاب لتفريغ بضاعتها، ثم تحملها الجمال من عيذاب إلي بحر النيل عند مدينة قفط فى المراكب، فتسير بها إما إلى مصر، وإما إلى بحر الروم، فتدخل البلاد الإفرنجية وغيرها.
ثم لما استولت دولة رومة على وادى النيل، بطل استعمال خليج البرزخ، وتعسرت الملاحة فيه، وكذلك التجارة، فكان أرباب التجارة الواردون من البحر الأحمر، يتبعون طريق عيذاب، وكذلك التجار الواردون من بحر الروم قاصدين البلاد الواقعة على سواحل البحر الأحمر والهندى، وفى داخل الأوقيانوس.
وفى تلك الحقبة كانت تجارة بلاد الهند وبلاد آسيا تتبع طريق نهر الدجلة والفرات، ثم بعد ذلك تكون فى بحر الخزر، ومنه تنتقل إلى البحر الأسود، وتدخل البلاد الأوروباوية والإفريقية.
ويقال إنه فى سنة مائة وثمان وثلاثين بعد الميلاد أمر القيصر تراجان بإرسال الغلال من رومة وغيرها إلى بلاد مصر؛ بسبب قحط شديد أضرّ بها إضرارا شديدا؛ ومن أجل ذلك شدد فى تطهير الترع والجسور لإصلاح حال الزراعة، حتى لا تقع البلاد فى مثل هذه الأهوال، وأمر أيضا بتطهير خليج مصر وإصلاحه، واستعمل زمنا فى الملاحة وأطلق عليه اسم «خليج تراجان» فى بعض الكتب القديمة، ثم أهمل بعد ذلك وبطل استعماله، إلى أن استولى