للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمر الأمر على ذلك إلى أن استكشف «رأس عشم الخير» (١) سنة ألف وأربعمائة وأربع وثمانين، ثم بعد ذلك أخذت الممالك التى لها مرافئ على البحر الرومى فى ترك طريق مصر واتباع الطريق المستجد إلى الهند وغيره.

وأول من وصل الهند واتجر فيها من ممالك أوروبا مملكة البرتغال سنة ١٤٩٤ من الميلاد، ثم تبعهم الإسبانيون والهولانديون والفرنساوية والإنجليز.

واستولى البرتغاليون على جزائر وشطوط، وأخذوا فى معاكسة التجارة وتحويلها عن طريق مصر، فحرض البندقانيون ملوك مصر على معاكستهم وشن الغارة عليهم ومحاربتهم، فأعدّوا لذلك المراكب الحربية والعدد والعدد، وحصل بين الفريقين عدة وقعات فى جهات البحر الأحمر، خسرت فيها مصر عددا وافرا من الأموال والرجال، ومع ذلك لم ينتج من هذه الحروب أدنى فائدة، وبقيت التجارة تابعة لطريق «عشم الخير»، وخرجت من يد البندقانيين، وامتنع ما كانت تستفيده مصر من الفوائد بمرور جميع التجارة بأرضها، وصار لا يدخلها من طريق البحر الأحمر إلا ما كان خاصا بإقليمها.

ولم يتغير ذلك فى زمن الدولة العثمانية بعد دخول ديار مصر فى حوزتها، ويقال إنه فى سنة ١٧٦٨ رغبت دولة آل عثمان فى إعادة خليج برزخ السويس، ولكنها لما رأت كثرة ما تكابده من الصعوبات والمصاريف تركته.

ثم لما استولت دولة فرنسا على القطر المصرى أخذت فى امتحان ترعة البرزخ كما قدمناه، ولم تحصل ثمرة ولا نتيجة لذلك إلى سنة ١٨٢٨ من الميلاد، فألح حاكم بونباى على الدولة الإنجليزية فى كونها تحول طريق التجارة من رأس عشم الخير إلى مصر، كما كان فى الأزمان السابقة، فلم تلتفت إلى إلحاحه، وبقى الأمر على ما هو عليه إلى سنة ١٨٣٩ للميلاد، فأعاد حاكم بونباى المذكور على الدولة الإنجليزية ما كان قد عرضه عليها فى سنة ١٨٢٨.


(١) المعروف الآن برأس الرجاء الصالح.