للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ذاك الوقت كان قد تأكد لها إمكان اتباع تجربة أجراها الملازم واغورت، ونجح فى إجرائها، حيث حول البوستة الهندية عن طريقها الأصلى، وسلك بها طريق مصر، فخفت مصاريفها وتكاليفها عن الحالة الأولى، وزالت مشقتها وقلت مسافاتها. فلما رأى الإنجليز ذلك شرعوا فى المكالمة مع الحكومة المصرية والدولة العلية، فتحصلوا على الرخصة بمرور البوستة من طريق مصر وترتيبها على الوجه الذى قدمنا ذكره، ثم فى سنة ١٨٤٠ لهج أصحاب الصحف الخبرية وغيرهم من الناس فى البلاد الإفرنجية بمسألة فتح خليج فى برزخ السويس، بعد ما اتضح من الرسوم والموازين التى عملت فى سنة ١٨٤٢، وفى سنة ١٨٤٣ بمعرفة لينان باشا وعدة من المهندسين الإنجليز، وأكدت تلك الرسوم والموازين أن فتحه فى الإمكان مع الزمن القليل، والمصرف اليسير، وأن البحرين فى استواء واحد حتى أن ناظر خارجية دولة النمسا ميترنيك خابر قنصل دولته بمصر أن يتروّى مع المرحوم محمد على باشا فى هذا الشأن. فلما كانت/سنة ١٨٥٣ للميلاد، وكان قد استولى على مصر سعيد باشا، خاطبه مسيو دولسبس الفرنساوى فى هذا الأمر، وكان له به ألفة، كما كان كذلك والده مع المرحوم محمد على باشا، فلازمه فى سفره، وحضره وشافهه فى مسألة فتح البرزخ للتجارة العامة، وأسهب فيما ينال بلاد مصر من الخير وحكومتها من العز والسعادة، إذا تم هذا الأمر المهم، وذكر له أن هذا العمل قليل الصعوبة، إذ لا يحتاج فى عمله إلا إلى مقدار من العملة المصريين تعمل فيه كما تعمل فى الترع المعتادة، ومتى تم سارت فيه السفن الصادرة والواردة من كافة أقطار العالم مشحونة وجميع محصولات البلاد الزراعية والصناعية، فتكون مصر نقطة اجتماع الخلق، ومصنوعاتهم، وكعبة تحج إليها سكان البلاد القاصية والدانية، فتحصل على شهرتها القديمة، ويعود إليها مجدها واعتبارها السابق، ويكتب حاكمها ما يبقى ذكره فى تواريخ الأمم إلى أن تفنى الأزمان؛ لأن فى فتحه فوائد لا تحصى، ومنافع لا تستقصى، وتستفيد منه الأفراد والحكومات، فيعترف العالم بأسره من حاكم ومحكوم