للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لوالى مصر بما أولاهم من النعم، وتلهج الألسن بمدحه والثناء عليه، وحينئذ تلتزم جميع الدول أن تحف وادى النيل بعنايتها وتشمله برعايتها، فيكون محفوظا من حوادث الأيام وطوارئ الزمان. لما لكل من مزيد الرغبة فى أمنه وسعادة أهله.

وأما ما تحتاجه هذه العملية من الأموال لضرورة الصرف عليها، فأصحاب النقود مستعدون وقت تصريح الخديوى بفتح خليج البرزخ لتشكيل شركة مساهمين، يتقاسمون بينهم المبلغ اللازم لتلك العملية.

ومن شدة إلحاح المسيو دولسبس وكثرة ترغيبه وقوة عارضته، وسحر فصاحته، ورغبة نابليون بونابارت - قرال فرنسا إذ ذاك - فى إتمام هذا الأمر، وحثه سعيد باشا على موافقة دولسبس، مال سعيد باشا إلى هذا الأمر وتساهل فيه، ونشأ عن هذا التساهل ما نحن فيه، وما تصير إليه بلادنا وتراه أولادنا فى مستقبل الأيام.

وانعقدت الشروط بفتح الخليج بين المسيو دولسبس وبين الحكومة المصرية فى تاريخ ٣٠ نوفمبر سنة ١٨٥٤ من الميلاد، فلما تمت هذه المشارطة، اتفق مع الحكومة على تعيين لينان باشا وموجيل بيك لرسم أرض البرزخ وعمل الموازين اللازمة، وتحديد محل الترعة، وتعيينه فى تلك الأرض، وتقدير التكاليف، وعدد العملة، ومقدار المكعبات اللازم حفرها فى الماء بالكراكات وفى الأرض بالعمال، فأخذوا فى إجراء هذه الأعمال، وكلفوا بكل عمل منها طائفة من المهندسين المصريين وهم: سيد أحمد بيك خليل، وأحمد بيك عبد الله، وأحمد بيك السبكى، وإبراهيم بيك سالم، وشافعى بيك يعقوب، وخليفة أفندى حسن، وأحمد بيك ناصر، وعبد الرحمن أفندى عبد المتعال، تحت رياسة المرحوم سلامة باشا، وبعده شحاتة أفندى عيسى.

فلما تمموا عمل الرسوم والموازين، استحسنوا أن تكون الترعة بين مدينة السويس الواقعة على البحر الأحمر، ومدينة الطينة الواقعة على البحر الرومى