ذاك فى هذا الأمر بالطرق السياسية مع الدول، فهدأت الأمور، وتذللت المصاعب وحصل للشركة فيما بعد رضا الباب العالى، فأصدر فرمان الترخيص فى ١٩ شهر مارث (١) سنة ١٨٦٦ الموافق ٢ من ذى الحجة سنة ١٢٨٢.
ومع ما كان يتجاذب الموسيو دولسبس من تلك الصعوبات كان لا يفتر عن مداومة الفكر فى إنجاز مشروعه، فكان يستخدم مهندسين وحكماء وغيرهم من عملة ورؤساء، ويرسلهم إلى مصر فيقيمون فى أرض البرزخ، ويجرون بعض الأعمال الأولية بمساعدة الحكومة لهم باطنا، وكان دولسبس يجول فى عواصم الممالك وفى المحافل العظيمة، ويلقى الخطب ويعين منافع هذا العمل فى التجارة لكل دولة بالبراهين والحجج، مستعينا بأصحاب الأقلام فى إدحاض ما يحتج به المضادّون له.
ورتب مراكز لوكلاء العمل فى مصر، فجعل مركز التوكيل العمومى فى القاهرة، وعينت له الحكومة محل مدرسة المهندسخانة ببولاق مخزنا لقبول ما يرد من المهمات والأدوات والآلات اللازمة للعملة والشغالة، وكذلك عينت له المحلات اللازمة فى الإسكندرية ودمياط وسمنود والصالحية.
ومن ابتداء أبريل سنة ١٨٥٩ أخذت تتوارد وفود العملة والشغالة من فرنسا وغيرها، وأقاموا على ساحل البحر عند مبدأ الترعة فى أخصاص اتخذوها ليأووا إليها، إلى أن بنيت دور ومساكن فى محل إقامتهم، ثم أخذت تزداد وتكثر حتى صارت بعد ذلك مدينة سميت «بورت سعيد»، باسم المرحوم سعيد باشا؛ إبقاء لذكره. ولسهولة تفريغ مهمات العمل الواردة فى السفن؛ عمل جسر من الخشب يمتد فى البحر إلى قدر كاف لمرسى المراكب وتفريغها، وعمل عند نهاية ذلك الجسر فى داخل البحر برج من خشب ارتفاعه عشرون مترا، وجعل بأعلاه منار/تهتدى بنوره المراكب التى تقصد هذه الجهة. وكان