قال فى تيسير الوقوف: قال المقريزى فى سبب ضرب هذه الدنانير الأحمدية: «أن الأمير أبا العباس أحمد بن طولون ركب يوما إلى الأهرام فأتاه الحجاب بقوم عليهم ثياب صوف، ومعهم المساحى والمعاول، فسألهم عما يعملون؟ فقالوا: نتبع الكنوز والمطالب، فقال: لا تخرجوا بعد اليوم إلا بمشورتى ورجل من قبلى، وسألهم عما وقع لهم، فذكروا أن فى سمت الأهرام مطلبا عجزوا عنه لأنهم يحتاجون فى إثارته إلى عمل كثير ونفقات واسعة. فأمر بعض أصحابه أن يكون معهم، فتقدم إلى عامل الجيزة فى دفع ما يحتاجونه من الرجال والنفقات، فأقام القوم مدة يعملون حتى ظهرت لهم العلامات، فركب ابن طولون حتى وقف على الموضع وهم يحفرون، فجدّوا فى الحفر وكشفوا عن حوض مملوء دنانير وعليه غطاء مكتوب، فأحضر من قرأه، فقال تفسير ذلك: «أنا فلان ابن فلان الملك الذى ميّز الذهب من غشه ودنسه، فمن أراد أن يعرف فضل ملكى على ملكه فلينظر إلى فضل عيار دينارى على ديناره، فإن خلص الذهب من الغش تخلص فى حياته وبعد مماته»، فقال ابن طولون:«الحمد لله ما نبهتنى عليه هذه الكتابة أحب إلىّ من المال»، ثم أمر لكل رجل كان يعمل بمائتى دينار منه، ووفى الصناع أجورهم، ووهب لكل منهم خمسة دنانير، وأطلق للرجل الذى أقامه معهم ثلثمائة دينار، وقال لخادمه نسيم:«خذ لنفسك ما شئت»، فقال:«ما أمرنى به مولاى آخذه»، قال:«خذ منه ملء كفيك جميعا، وخذ من بيت المال مثل ذلك مرتين فإنى أشح على هذا المال»، فبسط نسيم يده فحصّل ألف دينار. وحمل ابن طولون ما بقى فوجده أجود عيارا من عيار السندى ومن عيار المعتصم، فشدد أحمد حينئذ فى العيار حتى لحق عياره بالعيار المعروف له - وهو الأحمدى - الذى كان لا يطلى بأجود منه». انتهى.