فقلت ما رأى الأستاذ فى تعليل سعادة زكى باشا بشأن تسمية هذه القنطرة باسم كفرللى ولماذا لم ينشر الباشا نفسه هذا التعليل. فقال الاستاذ بأن هذا من حسن حظ كفرللى الذى أصبحت له شهرة تفوق شهرة رئيسه المسيو منج، وأن سعادة الباشا لم يكن مقتنعا تمام الاقتناع بتعليله، ولذلك لم يكتب فيه وكل من عرف الباشا من ذوى الاطلاع فى الكتب التاريخية يرى أن غرضه من أسمى الأغراض وأشرفها، وهو حث الناس على التنقيب وراء ما يقول ويكتب، وفى ذلك فوائد لهم باطلاعهم على كتب التاريخ المقبورة الآن فى دور الكتب وإيجاد حركة فكرية بينهم تعلمهم حرية التفكير، فكثيرا ما نراه يأخذ على نفسه المسئوليات العظمى ويفتح أبوابا للقيل والقال نتيجتها تنوير أذهان الناس وهو يثق أن الحكم النهائى سيكون فى جانب الحق والله تعالى أعلم. محمد حسن مهندس بمصلحة تنظيم مصر (المقطم فى يوم السبت ١٥ ربيع الثانى سنة ١٣٤٢ - ٢٤ نوفمبر سنة ١٩٢٣) *** القنطرة الجديدة لا قنطرة الذى كفر حضرات المحترمين أصحاب المقطم الأغر ما كنت لأعود إلى طرق هذا الموضوع لولا أنى أعلم أن البحث فى هدوء مفض لا محالة إلى الحقيقة. ذلك عذرى أزجيه لمن قد يتناولهم بحثى الآن عن غير قصد. قرأت أخيرا مقالا فى مقطم السبت ٢٤ نوفمبر الماضى لحضرة مهندس بمصلحة التنظيم روى فيه عن كبير فيها ما ملخصه: أن قنطرة الذى كفر قديمة-لم يبين مدى هذا القدم-وأنها بنيت قبل مجئ البعثة الفرنسوية إلى مصر وكان اسمها «القنطرة الجديدة» وان هذه البعثة لما جاءت ورسمت مدينة القاهرة أوضحت تلك القنطرة على خريطتها برقم ٢٨. وأن حضرته اطلع على هذه الخريطة والجدول المرفق بها فاقتنع بأن نسبة هذه القنطرة إلى «كفرللى» خطأ. وأن الكبير المشار إليه أفهمه أن لذيوع تلك التسمية حكاية طويلة متواترة سمعها من سعادة الأستاذ إسماعيل بك رأفت. ويمكنه (الراوى) الاستفهام منه للاستفادة. هذا ما اتحفنا به حضرة المهندس بطريق الرواية عن ذلك الكبير فله كل شكر من حيث أنه قرب مسافة الخلف بيننا. بهذه الرواية انحصر الموضوع من جهة البحث فى نقطتين: الأولى أن هذه القنطرة قديمة قبل البعثة الفرنسوية باسم «القنطرة الجديدة» والثانية حكاية ذلك التحريف الذى وقع فى تسميتها (قنطرة الذى كفر). أما أنها قديمة قبل البعثة الفرنسوية فهذا ما لا خلاف فيه بيننا. فإنى قلت فى مقالى الأول إنها من أعمال رجال الحملة الفرنسوية بمصر التى نشأ عنها الاحتلال الفرنسوى الذى مكث فيها من يوليو سنة ١٧٩٨ إلى سبتمبر سنة ١٨٠١ م، وعادت بعده إلى السيادة العثمانية. ثم تولاها محمد على باشا سنة ١٨٠٥ م (١٢٢٠ هـ وهى جمل حروف منقذ مصر). فلم أقل إنها من أعمال البعثة الفرنسوية التى وفدت على مصر حوالى سنة ١٨٣١ م بطلب هذا المصلح الكبير إلى لويز فيليب ملك فرنسا من ١٨٣٠ - ١٨٤٨ م للاستعانة بها على الاصطلاحات العسكرية والإدارية.