للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذكر من صفة الفرش والنمارق والشموع، وحلية المجالس فى تلك المآدب ما يفوق الوصف.

ثم تطوف على أعيان الحضرة ولدان، أقبيتهم الخز الملون، بأيديهم مباخر ومرشات، فينال منها جميع الحاضرين.

وبأعلى خزانة المنجانة (الساعة الدقاقة) فى ذلك المجلس أيكة تحمل طائرا فرخاه تحت جناحيه، وفيها أرقم خارج من كوة، وبصدرها أبواب مرتجة، بعدد ساعات الليل الزمانية وبطر فيها بابان كبيران، وفوقها قمر تمام يسير سير نظيره فى الفلك، ويسامت أول كل ساعة بابها المرتج.

وكلما مضت ساعة انقض من البابين الكبيرين عقابان، مع كل واحد منهما صنجة صفر، يلقيها إلى طست من الصفر مجوّف، بوسطه ثقب يفضى إلى داخل الخزانة، فيرن، وينهش الأرقم أحد الفرخين فيصفر له أبوه، فهناك يفتح باب الساعة الماضية، وتبرز منه جارية محتزمة، كأظرف ما أنت راء، بيمناها إضبارة (رقعة) فيها اسم ساعاتها نظما، ويسراها موضوعة على فيها، كالمبايعة بالخلافة، كل ذلك والمسمع قائم، ينشد مدائح سيد المرسلين-.

ثم يؤتى آخر الليل بموائد، وذكر من عظمتها وحسنها وكثرتها ما يطول شرحه، كل ذلك بمرأى من السلطان ومسمع، ولا يزال كذلك إلى الصباح.

هذه عادة السلطان كل عام فى جميع أيام دولته، فمن ذلك النظم المرقوم على بعض الرقاع على لسان الجارية فى مضى ساعتين:

أخليفة الرحمن والملك الذى … تعنو لعز علاه أملاك البشر

تقول فيها:

والليل منه ساعتان قد انقضت … تثنى عليك ثنا الرياض على المطر

ومنه فى مضى ثلاث:

تولت ثلاث من الليل أبقت … لك الفخر فى عجمها والعرب