ومحراب ساج منقوش بعمودى صندل، وتقلع هذه المقصورة فى الشتاء إذا صلى الإمام فى المقصورة الكبيرة، وعمرت غرفة المؤذنين بالسطح وجعل لها روشن، وجعل بعدها ممرق ينزل منه إلى بيت المال.
وفى سنة أربع وأربعين وأربعمائة، زيد فى الخزانة مجلس من دار الضرب وطريق المستحم، وزخرف هذا المجلس وجعل فيه محراب ورخم بالرخام الذى قلع من المحراب الكبير.
وفى سنة خمس وأربعين وأربعمائة، بنيت المئذنة التى بين مئذنة غرفة المؤذنين والمئذنة الكبيرة.
وفى سنة أربع وستين وخمسمائة، تمكن الفرنج من ديار مصر، وحكموا فى القاهرة حكما جائرا، وركبوا المسلمين بالأذى العظيم، وتيقنوا أنه لا حامى للبلاد من أجل ضعف الدولة، فجمع مرى ملك الفرنج جموعه، وسار إلى القاهرة من بلبيس، فأمر شاور بن مجير السعدى وزير العاضد بإحراق مدينة مصر، فخرج إليها عشرون ألف قارورة نفط وعشرة آلاف مشغل مضرمة بالنار وفرقت فيها، فلما رأى مرى دخان الحريق تحول من بركة الحبش إلى ما يلى باب البرقية من القاهرة وقد انحصر الناس فيها؛ فقاتلهم واستمرت النار أربعة وخمسين يوما، وبذلك تشعث الجامع فجدده صلاح الدين بعد موت العاضد، وأعاد صدره والمحراب الكبير ورخمه ورسم عليه اسمه، وأجرى فيه عمائر كثيرة حتى صار جميعه مفروشا بالرخام. وفى أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى، نظر قاضى القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن الأعزالى الجامع، فوجد مؤخره قد مال إلى بحريه وكذلك سوره البحرى، ورأى فى سطح الجامع غرفا كثيرة محدثة فهدم الجميع إلا غرف المؤذنين، وأمر بإبطال جريان الماء من النيل إلى فوارة الفسقية لما رأى فيه من الضرر على جدر الجامع، وعمر بغلات بالزيادة البحرية تشد الجدر، وسد شباكين كانا فى الجدار البحرى وأنفق على جميع ذلك من مال الأحباس وكان له حينئذ نظر الأحباس، ثم سأل السلطان هو والصاحب الوزير بهاء الدين فى عمارة الجامع من بيت المال فرسم بذلك، فهدم الجدار البحرى الذى فيه اللوح الأخضر، وأزيلت العمد والقواصر العشر، وعمر الجدار المذكور وأعيدت العمد والقواصر كما كانت، وزيد فى العمد أربعة وجليت العمد كلها وبيض الجامع بأسره وذلك فى سنة ست وستين وستمائة.
وفى سنة سبع وثمانين وستمائة، شكا قاضى القضاة تقى الدين أبو القاسم ابن بنت الأعز للملك المنصور قلاوون سوء حال جامع عمرو والجامع الأزهر، فأمر بعمارة الجامعين، وعين لجامع عمرو الأمير عز الدين الأفرم، فرسم على مباشرى الأحباس وكشف المساجد لغرض كان