للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبواب وفى الشرقى خمسة وفى الغربى أربعة، وعدد عمده ثلاثمائة وثمانية وسبعون عمودا وعدد مآذنه خمس، وبه ثلاث زيادات، فالبحرية الشرقية كانت لجلوس قاضى القضاة بها فى كل أسبوع يومين، وكان بهذا الجامع القصص. قال القضاعى: روى نافع عن ابن عمر قال: لم يقص فى زمن رسول الله ولا أبى بكر ولا عمر ولا عثمان ، وإنما كان القصص فى زمن معاوية . وذكر عمر بن شبة قال: قيل للحسن متى أحدث القصص؟ قال: فى خلافة عثمان بن عفان . قيل: من أول من قص؟ قال: تميم الدارى. وروى أن عليا قنت فدعا على قوم من أهل حربه، فبلغ ذلك معاوية فأمر رجلا يقص بعد الصبح وبعد المغرب يدعو له ولأهل الشام. قال يزيد: وكان ذلك أول القصص. وقال الليث بن سعد: هما قصصان قصص العامة وقصص الخاصة، فأما قصص العامة فهو الذى يجتمع إليه النفر من الناس يعظهم ويذكرهم فذلك مكروه لمن فعله ولمن استمعه، وأما قصص الخاصة فهو الذى جعله معاوية، ولى رجلا على القصص فإذا سلم من صلاة الصبح جلس وذكر الله ﷿ وحمده ومجده وصلى على النبى ، ودعا للخليفة ولأهل ولايته ولحشمه وجنوده ودعا على أهل حربه وعلى المشركين كافة. ويقال: إن أول من قص بمصر سليمان بن عتر التجيبى فى سنة ثمان وثلاثين، وفى هذه السنة شكا عبد الملك بن مروان إلى العلماء ما انتشر عليه من أمور رعيته وتخوفه من كل وجه، فأشار إليه أبو حبيب الحمصى القاضى بأن يستنصر عليهم برفع يديه إلى الله تعالى فكان عبد الملك يدعو ويرفع يديه، وكتب بذلك إلى القصاص فكانوا يرفعون أيديهم بالغداة والعشى.

وكان بهذا الجامع مصحف يعرف بمصحف أسماء ابنة أبى بكر بن عبد الله بن عبد العزيز وكان تجاه المحراب الكبير، والذى استكتب هذا المصحف هو عبد العزيز بن مروان؛ وسببه أن الحجاج بن يوسف الثقفى كتب مصاحف وبعث بها إلى الأمصار، ووجه إلى مصر بمصحف منها فغضب عبد العزيز بن مروان من ذلك، وكان الوالى يومئذ من قبل أخيه عبد الملك، وقال: يبعث إلى جند أنا فيه بمصحف! فأمر فكتب له هذا المصحف، وجعل لمن وجد فيه حرفا خطأ رأسا أحمر وثلاثين دينارا، فتداوله القراء، فأتى رجل من قراء الكوفة اسمه زرعة بن سهل الثقفى فقرأه تهجيا، ثم جاء إلى عبد العزيز فقال: إنى وجدت فى المصحف حرفا خطأ. فقال: مصحفى؟ قال: نعم. فنظر فإذا فيه: إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة، فإذا هى مكتوبة نجعة قد قدمت الجيم قبل العين، فأمر بالمصحف فأصلح ما كان فيه وأبدلت الورقة، ثم أمر له بثلاثين دينارا وبرأس أحمر، وكان يحفظ فى دار