للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مقتطفات من الجرائد
(الآلة الكاتبة - تايب رايتر-)
إن رجلاً فرنساويًّا اسمه فوكول استنبط آلة يكتب بها العميان، قدمها لمعرض
باريس سنة ١٨٥٥، فكانت قاعدة لاصطناع الآلة الكاتبة المشهورة، فشاع
اصطناعها واستخدامها، وبرع بذلك الأميركان بنوع خاص، وكثرت معالمها
وتنوعاتها، وذاع استعمالها حتى لم تبق مدينة في العالم المتمدن لم تستعملها،
وحملها السياح والرواد المستعمرون إلى أواسط إفريقيا وأطراف آسيا شمالاً إلى
القطب الشمالي، وجنوبًا إلى اليابان والصين والهند وإلى أستراليا، وفي
الإقيانوس المحيط وغيرها، وما ذلك إلا لسهولة استخدامها، وكثرة فوائدها. وكانت
في بادئ الرأي لا تكتب إلا بالأحرف الرومانية المشهورة التي يستخدمها
الفرنساويون والإنكليز والأسبان والإيطاليان في كتابة لغاتهم. ثم رأى الألمان أن
تكون أوامرهم الرسمية بالحرف الغوطي، فاصطنعوا لهم آلة تكتب به، واصطنعوا
نوعًا منه يكتب اللغة الروسية، وآخر يكتب العبرانية، وآخر لليونانية، وآخر
للسيامية، وأخيرًا اصطنعوا آلة تكتب اللغة التبليغية من اللغات الهندية، وكانوا
يظنون كتابة هذه اللغة بهذه الآلة أمرًا مستحيلاً؛ لكثرة حروفها وتنوعها، وكان
الساعي في اصطناعها مبشرًا إنكليزيًّا اسمه الدكتور شامبرلين أراد أن ينشر الكتاب
المقدس بين الهنود بتلك اللغة، فكتب إلى بعض الشركات في أميركا يصف لها
الحروف التبليغية، ويطلب إليها اصطناع آلة تكتب بها فقط وجاءت متقنة. ولما
كان ملك سيام في أوروبا أحب (التايب رايتر) فأوصى أن يصنع في لغة بلاده
فصنعوه.
فالتايب رايتر الآن بالحروف الرومية والجرمانية والروسية والسيامية والهندية،
وأما العربية، فقد حاول بعضهم اصطناع آلة تُكتب بها فلم يصادف توفيقًا؛ نظرًا
لاختلاف أشكال الحروف العربية باختلاف مواقعها، كما لا يخفى، ولكننا علمنا أن
المصور الماهر سليم أفندي حداد بالقاهرة قد فاز باصطناع تايب رايتر عربي، جاء
في غاية الدقة والسهولة، ولكنه لم ينشره بعدُ، فعساه أن يوفق إلى ما فيه خدمة اللغة
والوطن.
***
(إحصاء الحروب في هذا القرن)
وضع ضابط مجري إحصاءً في الحروب وخسائرها من الرجال والأموال
ونسبة ذلك بين الدول المتحاربة، يؤخذ منه أن أكثر الدول حروبًا في هذا القرن
الدولة العثمانية، فقد بلغت مدة الحروب عندها من سنة ١٨٠٠ - ١٨٩٦ نحو ٣٧
سنة، ومدة السلم ٥٩، ويليها في ذلك أسبانيا؛ فقد حاربت ٣١ سنة، وارتاحت
٦٥، ثم فرنسا ومدة الحرب عندها ٣٧ سنة، والسلم ٦٩، ثم روسيا وسنُو حربها
٢٤ سنة وسلمها ٧٢، وتليها إيطاليا مدة حربها ٢٣، وسلمها ٧٣، ثم إنكلترا حربها
٢١، وسلمها ٧٥، ثم النمسا والمجر حربها ١٧، وسلمها ٧٩، ثم هولندا حربها
١٤ وسلمها ٨٢، ثم جرمانيا (ماخلا بروسيا) حربها ١٧ وسلمها ٨٣، ثم بروسيا
حربها ١٢ وسلمها ٨٤ وأسوج حربها ١٠ وسلمها ٨٦ والدانمارك حربها ٨
وسلمها ٨٨.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (الهلال)