للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


طول الحيوة
زعم مافنس المؤرخ الهندي أن رجلاً يقال له كونيا من أهالي بنغال طوى من
الأعوام ٣٧٠، والمؤرخ المذكور يأخذ بناصره لويز كستفدس المؤرخ الملكي
البرتغالي الذي كان في إبان وفاة كونيا السنة الـ ١٥٥٦، وعلى الرغم من قول
المؤرخين المومأ إليهما لا يخلو هذا الأمر من الريب، ولكن سواء كان كونيا أو ذوو
قُرباه أو خُلطاؤه يجهلون حقيقة الحين الذي برز فيه إلى حيز الوجود، فذلك لا ينفي
أن هذا المرء قد انتهى إلى حدود عمر طويل، قلّما صار إليها سواه، وقد وصف
كونيا بأنه كان إنسانًا متحليًا بصفات بسيطة، وعائشًا عيشة هادئة راضية، وقسرًا
عن كونه أميًّا كان يستطيع أن يورد بالإسهاب والتدقيق كل الحوادث الهامة التي
جرت منذ قرنين ونصف في حياته. وقيل: إنه اتخذ له زوجات عديدة في أثناء
عمره الطويل الأسباب، وقد تغير لون شعره مرات جمة من الأسود إلى الرمادي
ومن الرمادي إلى الأسود وهلم جرا (يا ليت الراوي ذكر شيئًا عن أسنان الفقيد رحمه
الله) وأن الشخص الذي يتلو كونيا في طول العمر هو أكار فرنساوي يدعى
بطرس زكترن قضى نحبه اليوم الـ ٢٥ من شهر كانون الثاني السنة الـ ١٧٢٤ في
السنة الـ ١٨٣ من أجله، وبعد (زكترن) تُذكر زنجية اسمها: لوزا تركسوا من
أهالي توكوميا في أميركا الجنوبية، وكانت السنة الـ ١٧٨٠ قد وصلت إلى السنة الـ
١٧٥ من سنها، وهي لا تزال ذات صحة جيدة، ومن الأمور التي تستحق الانتباه
إليها أنه كان يوجد في فرنسا أسرة يطلق عليها اسم روفن نذكر عنها ثلاثة أشياء
غريبة:
(أولاً) أن مجموع عمر الوالدين كان ٣٣٨ سنة، فالأب يوحنا روفن كان
عمره ١٧٤ سنة، والأم سارة كان عمرها ١٦٤.
(ثانيًا) أنهما بقيا مرتبطين بحبل الزواج ١٤٧ عامًا، ومن الأمور الغريبة
التي يندر حدوثها أنهما عاشا هذا العمر الطويل في السلام والمحبة والوفاق.
(ثالثا) عندما تصرمت أسباب حياتهما كان لهما ثلاثة بنين لا يزالون في قيد
الحياة أصغرهما عمره ١١٦ حولاً.
وفي إنكلترا يوجد ثلاثة أشخاص فاقوا سواهم في طول العمر: الأول هنري
جنكنس من بوركثير عاش ١٦٩ عامًا، وقيل: إنه وقف ذات يوم أمام مجلس
العدلية وأدى شهادة عن حادث من ١٤٠ حجة قبل ذلك العهد، ومات هذا الرجل
السنة الـ ١٦٧٠ في ألرتن. الثاني عقيلة أكتن، فإنها كانت عائشة عيشة بسيطة،
وكانت أرملة يوحنا فرنسيس إدورد أكتن وجدة أكتن ولدت السنة ١٧٣٦ وماتت
السنة ١٨٧٣ في السنة ١٣٧ من عمرها. الثالث توماس بار ولكن لسوء الحظ لم
نحظ بعدد السنين التي عاشها. ولا امتراء أن أقوى العوامل وأكبر الوسائل لأولئك
الذين عاشوا هذه السنين الطويلة وطووا هذه الأعوام المديدة كانت السذاجة في
معيشتهم، والبساطة في أخلاقهم وعاداتهم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... الحويك إلياس
... ... ... ... لبنان