للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: سليمان أباظه الأزهري


الجزء الأول من تفسير القرآن الحكيم
تقريظه واقتراح اختصاره أو تلخيصه مع تمني إتمامه
للكاتب البليغ، والعالم الأديب
الأستاذ الشيخ سليمان أباظة الأزهري السلفي
المدرس في بيت الله الحرام
قال من كتاب:
أحمد الله على ظهور هذه النعمة وآمل أن أرى في القريب العاجل تمام هذا
التفسير الجليل، على هذا النسق البديع، الذي يشبع عقل الباحث تغذية وريًّا،
ويجعله عن غيره غنيًّا، كما آمل أن أرى في الأقرب الأعجل خلاصة لهذا التفسير
تكون صالحة لقراءتها درسًا عامًّا تستفيد منه العامة قبل الخاصة، ليسهل على
المعلم تأدية مهمته في تعليم ذلك السواد الأعظم المنتسب إلى الإسلام - وما هو منه
في شيء - دين الله علمًا صحيحًا سهلاً، خلاصة على ذلك الطراز الجميل البديع
الذي كنا معشر تلاميذ السيد نسمعه منه في الدرس الذي تكرم علينا به في داره
بدرب الجماميز، ذلك الطراز السهل على السيد فقط، الممتنع على غيره.
ذلك الطراز البديع الذي كانت المعاني منه تسابق لفظ السيد إلى أذهاننا، فلم
نلبث أن رأينا أنفسنا ورآنا الناس علماء بين عشية وضحاها من الزمان، فكنا
نأسف على إخواننا أولئك الذين حرموا أنفسهم من هذا الكنز الثمين، وأضاعوا
عمرهم في القال والقيل.
ذلك الطراز البديع الذي صدر عن فطرة السيد العالية، واستعداده الشريف فقد
كنا نفاجئه مفاجأة، ولا نترك له فرصة يراجع فيها كلام غيره، أعني لا نمكنه مما
يسمى (الاستعداد للدرس) أو إعداد الدرس حتى لا يتسرب لتلك الفطرة المحمدية
الرشيدية العالية الشريفة شيء يؤثر فيها، فتضيع علينا الفائدة التي نبتغيها منها،
والضالة التي ننشدها، وهي الوصول إلى العلوم الصحيحة، والحقائق العالية من
مواردها الصافية، بذلك النوع الجديد من المدارسة، أو المحاضرة أو المحادثة.
ومن يقدر على تلك الخلاصة غير السيد؟ أليس رب البيت أدرَى بما فيه من
جهة؟ ومن جهة أخرى هل يخفى على السيد أن الله تعالى قد حباه دون غيره بنعمة
عَزَّ إن لم أقل عدم نظيرها، ولا سيما عند علماء هذا الزمان؟
تلك النعمة هي إيداع المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة، مع حكمة التشريع
التي تحبب النفس في العمل، وتقشع عنها ثياب العجز والكسل، عدا عن الإبداع
في الإتيان بالمعاني العالية، بألفاظ وأساليب ممتعة سهلة.
هل يتكرم السيد بهذه الخلاصة لتكون للتفسير بمثابة المجمل، ويكون هو لها
بمثابة المفصل؟ هل يتكرم السيد بهذا في القريب العاجل في حجم لا يزيد عن
مجلدين، كحجم حزأين من التفسير الكبير؟ حبذا لو عجل السيد بها، فإن (خير
البر عاجله) .
وحبذا لو كانت هذه الخلاصة مرتبة متمشية مع المعاني لا مع السور، أعني
ذلك الترتيب الذي قال لي عنه السيد منذ سنين، وهو أن تجمع الآيات في المعنى
الواحد مع ما يناسبها، ومن يستطيع أن يعمل هذا غير السيد؟ أعني: فرز آيات
القرآن الحكيم على هذا النظام الجميل؛ لئلا يحصل الخلل في الجمع لو تولاه غيره.
إني أرى ذلك سهلاً عليه جدًّا لو مسك المصحف في أوقات رياضته، ولا
سيما إذا كانت في الخلوات، حتى إذا تم كرَّ عليه شرحًا وتفسيرًا، أسأل الله أن
يمنع السيد من الشواغل الخاصة والعامة ليقوم بهذا العمل الخطير، الذي ليس له
نظير، إنه سميع مجيب.