خطبة صدر الدين أفندي مقصودف النائب المسلم في الدوما عند البحث في ميزانية الوزارة الداخلية
سبب الكلام في شئون المسلمين خاصة يا وكلاء الشعب المحترمين: لا أتكلم في سياسة الوزارة الداخلية إلا من حيث تعلقها بالمسلمين. أيها الأفندية: نحن وكلاء حزب المسلمين إذا بدأنا الكلام على هذا المنبر في شئون المسلمين خاصة ربما يتساءل كثير منكم: (لأي شيء تخصّ المسلمين فقط؟ ولماذا يكون الكلام في ضغط الحكومة على المسلمين خاصة؟ وربما تقولون: إن هذا الضغط كان يصيب كل واحد من سكان روسية من غير فرق في الجنس والدين) وهذا ليس بصحيح على إطلاقه. فنحن المسلمين يصيبنا كثير من الضغط على انفرادنا غير ما يصيبنا منه مع مواطنينا الآخرين. لكل أمة من الأمم مميزات وعادات محترمة لديها، تمتاز بها عن الأمم الأخرى، والحكومات العاقلة مهما قاومت الحركة الطبيعية فإنها لا تمس - عادةً - هذه الأشياء المحترمة عند الأمم. وهذه المميزات هي لغة الأمة وأدبياتها ومدارسها وما يتبع ذلك. أما حكومتنا فهي لا تزال إلى الوقت الأخير تمس بالشر هذه الأشياء العزيزة لدينا، تطارد مدارسنا وأدبياتنا ولغتنا ونحن بها عرفنا الدنيا، وبها تتكلم أمهاتنا، وفيها تربينا منذ صغرنا. أيها الأفندية! عندما يقع علينا مثل هذه الضربات لا يمكننا أن نسكت غير مهتمين ولا مبالين. قَلَّمَا يصعد حزب المسلمين في الدوما هذا المنبر، وذلك عند نفاد الصبر وبلوغ الألم في النفس مبلغه. فلا تتكلم إلا عندما يكون الكلام لا بد منه، لذلك أيها الأفندية نحن لا نقدر على الكلام غير متأثري العواطف (أصوات من اليمين قائلة: هل تُقدَّر إحساساتكم بشيء من المال؟) أنتم لا تحسون إحساسي من هذه الجهة؛ فدعوني أتكلم بحرية في كل ما أريده وأرجو عدم قطع كلامي بأصوات شتى لا سِيَّمَا من جهة اليمين. *** الضغط الحاصل على المسلمين قبل بيان أسباب سياسة الحكومات ضدنا، وما كان لها من النتائج أَجِدُنِي مضطرًّا لتعداد أعمال الحكومة غير القانونية ضدنا في غضون سنة واحدة، وأكتفي بأن أعد منها كبارها إذ لا يمكن إحصاء جميعها. من ذلك التفتيش والسجن الذي وقع على الأشخاص الآتية أسماؤهم، فتشوا دار حسن صبري آيوازف معلم اللغة التركية في (لازار فسكي إينستيتوت) بمدينة مسكوف، ثم سجنوه ونفوه. وفتشوا دار ملا عبد الله آيانايف وملا عالم جان عليف في مدينة قزان وأخذوا منهما كتبًا وأوراقًا كثيرة. وسجنوا ٩ معلمين، وعبد الله نعمة اللين وعبيد الله نعمة اللين من كبار العلماء في قرية بوبي بولاية واتكة وأخذوا وقت إجراء التفتيش ٥٠٠ مجلد من الكتب , وكثير منها كتب دينية. (الرئيس: يا مقصودف! أرجو أن لا يطول بك التعداد مقصودف: لا يأذن لي الرئيس أن أعد الوقائع كلها فيجب علَيَّ أن أكتفي بأن مثل هذه الوقائع مكتوبة عندي حيث تملأ دفتر) في سنة واحدة فقط أجري التفتيش على ١٥٠ من أعيان المسلمين، وأقفلت مكاتب عديدة جِدًّا وبيوت للمعارف والمدنية. أقفل في مدينة خوقند وحدها عشرون مكتبًا بأمر مفتش المعارف هناك وطرد معلموها. وفي قرية آرصاي بولاية صمار التابعة لمتصرفية بوغورصلان أقفل المكتب وطرد معلمه، وأقفلت دار كتب السعادة (كتبخانة سعادت) في بلدة منزلة بولاية أوفا، وكذلك أقفلت مطبعة (أورنك) في مدينة قزان وطرد معلمو المكاتب في بلدة ويرخني أودينسكي وكذلك في قرية آيو أو راز في متصرفية بوغولمة بولاية صمار. وأقفلت مدرسة حسن بونامارف في بلدة بتر باول. ومنع المدرس محمد أمين من التدريس في بلدة (أوش) وأقفلت مكتبة على طاربي في بلدة باغجة سراي، ولم يؤذن ببناء جديد بدل مكتب قديم في بلدة آلماطا. وأقفلت مطبعة كازا كوف في مدينة قزان. ومنع إحسانف ويانغاليجف من تعليم الأولاد في بلدة ساريجن ومنع مسطافين وشرف وزبيرف من التدريس في مدينة قزان. ومنعت أيضًا المعلمة نفيسة كازاكوا من التعليم في مكتب البنات في بلدة تتوش، ولم يأذنوا لمنور قاري بافتتاح شعبة بجوار مدرسته لتعليم اللغة الروسية في مدينة طاشقند. ومنع حسين مكايف من التعليم في بلدة نمنكان وقرر مجلس شورى الدولة إقفال الجمعيات في مدينة استرخان. وشكى. وسمبر. وأقفل مكتب عند المسجد الجامع في مدينة قزان وعزل بولاية قزان ما ينوِّف عن عشرين من الأئمة عن مناصبهم من غير سبب. وبِنَاءً على رجاء حضرة الرئيس بالاختصار في التعداد لا أطيل القول فيه، ومع ذلك يمكنني أن أقول هذه الكمات بشأن الجرائد الإسلامية: أوقفت جريدة (الشمس كونش) اليومية التي تصدر في مدينة باكو وكذلك أوقفت فيها مجلة (هلال) و (معلومات) وغرموا جردية (وقت) أكثر من ٨٠٠ روبل في سنة واحدة، وكذلك غرموا (صدى) و (معلومات) ومجلة (آيقاف) القزاقية غرامات متعددة. لم أعد كل الوقائع بل ذكرت بعضًا من كبرها، وخلاصة القول: أنها أجريت التفتيش على ١٥٠ مسلمًا , وقفل أكثر من ٧٠ من المكاتب والمدارس , وطائفة من الجرائد. *** سبب الضغط عندما نرى إيذاءًا بهذا المقدار يقع على الأئمة , ونرى إقفال ذلك القدر من المكاتب والمدارس ننصرف، من غير اختيار لي التفكر بأحد أمرين اثنين. وهما إمّا أن الحكومة الروسية لا تحب رُقِيَّنَا ودخولنا في المدنية , فتريد أن تقاومنا بكل الوسائل الممكنة، وإما أنها تغلط بزعمها وجود فكرة وحركة بين المسلمين ضد روسية , فترى من الضروري التذرع بالوسائل لمنعها. وعلى ظني أن هذين الاحتمالين صحيحان كلاهما؛ وذلك أن من العادة القديمة للحكومة أن تردع المسلمين وتسكتهم كلما بَدَا منهم الاجتهادُ والسَّعْيُ الحثيث إلى الرُّقِيِّ والمَدَنِيَّة. الحكومة لا تريد تقدم المسلمين ورقيهم , ولكن هذه الحال في الحكومة الآن أقوى وأوضح منها في الماضي. الوسائل المتخذة ضد حركتنا المدنية الآن تتخذ على ادِّعَائِهِمْ ضِدِّ الجامعة الإسلامية. تقول الحكومة وحزب اليمين: نحن نصارع المسلمين , ونتخذ الوسائل الشديدة ضدهم؛ لأنه يوجد بينهم حركات هائلة تُدْعَى (الجامعة الإسلامية) . نورد هنا مسألةً وهي: هل توجد حركة هائلة بين المسلمين؟ وهل توجد حركات وأعمال ضد الإمبراطورية مهما كان نوعها وشكلها؟ ها هم يَدَّعون وُجودَها ونحن ننكرها. *** ما هي الجامعة الإسلامية ومن أين أَتَت ْ؟ أيها الأفنديةُ! في الأيام الأخيرة أخذت جرائد حزب اليمين تتذرع بوسائل شَتَّى ضد الجامعة الإسلامية، وَلَمَّا عَرَفْنَا أخبارَ الجامعة الإسلامية مِن هذه الجرائد ومِن الحكومة نفسها راجعنا معارفنا من الأئمة والمعلمين والتجار , وسألناهم عن وجود حركة بين الناس يمكن أن تسمى الجامعة الإسلامية , فَأَخَذَتْهُمِ الحيرةُ مِن هذا السؤال , ولم يفهموا لها مَعْنًى. فلم يبقَ لنا من مصدر للبحث عن وجود هذه الجامعة وانتشارها إلا مراجعة الحكومة. ولقد وجدت معنى هذه الكلمة العجيبة في ورقة من أوراقها , وفيها تحديد الجامعة الإسلامية هكذا: الجامعة الإسلامية هي حركة بين المسلمين لتوحيدهم جميعًا مِن حيثُ المَدَنِيَّةُ والسياسةُ: ومبيّن فيها أيضًا أن الجامعة الإسلامية منتشرة انتشارًا كبيرًا في جوار نهر (أيدل - قاما) . فالقول بوجود الجامعة الإسلامية بيننا هو اتهام لتتر (أيدل - قاما) بالسعي لتوحيد مسلمي الأرض جميعًا من حيث المدنية والسياسة. أيها الأفندية! لا أدري. هل يمكن اشتغال التترسكان نواحي نهر (أيدل - قاما) وهم ٤ أو ٥ ملايين متأخرون من حيث المدنية ومضطهدون من الحكومة , وفقراء من الجهة المادية بهذه المسألة العظيمة - مسألة توحيد المسلمين القاطنين في الهند وجزر الفيليبيين والأنحاء الأخرى من آسيا وإفريقية وغيرهما من القارات الأرضية، ولم يتمكن كبار الدُّهَاة من مثل هذا العمل كنابليون والإسكندر المكدوني، ويتهموننا أيضًا بوجود فكرة فيما بيننا وهي فكرة الانفصال عن روسية. أيها الأفندية الجالسين في اليمين! لنفتكر قليلاً كما يفتكر العقلاء المستنيرون متجردين من الأفكار الأخرى، (تسمع كلمات من ناحية اليمين: ماذا تقولون؟ فيسكتهم الرئيس، ويصيح النائب بور يشكيويج مستهزءًا: كنتم قد اعترفتم الآن أنكم غير متمدنين!) افتكروا قليلاً هل يمكن لأربعة ملايين من التتر المتأخرين في المدنية والاقتصاد , وهم بين ١٠٠ مليون من الروس , وقد قبلوا منذ القرن السادِسَ عَشَرَ تبعية حكومة الروس , وعاشوا أربعة قرون ساكنين مطمئنين - هل يمكنهم أن ينهضوا دفعةً واحدةً , ويشتغلوا بفكرة توحيد مسلمي القارات الخمس توحيدًا مدنيًّا وسياسيًّا؟ ! أيها الأفندية! يمكن أن يُؤْتَى بمثل هذه الكلمات على سبيل الفكاهة فقط , وأمّا من طريق الجد فلا يجوز أن يؤتى بها ولا سِيَّمَا إذ حصل بسببها إقلاق راحة أقوام هادئين مطمئنين , فحينئذ يكون مثل هذا القول لَعِبًا ضارًّا وخطأ سياسيًّا لا يُغْتَفَرُ. أيها الأفندية! لو لم تكن تِلْكُمُ الأفكارُ الباطلةُ عن وجود الجامعة الإسلامية سببًا في الضغط المار ذكره لَمَا كنت قائلاً شيئًا في هذه الجامعة الخيالية، فالسبب الرئيسي لما حصل من الضغط في السنين الأخيرة هو الاتهام بوجودها بيننا (هنا يقوم بور يشكيويج ويصيح: اقرأوا أنتم كتاب يفدوكيف وأنا أعيركم إياه إذا لم يوجد عندكم. والرئيس يسكته ثانية) . هكذا أيها الأفندية! لا يمكن إسناد الجامعة الإسلامية - التي معناها توحيد المسلمين كلهم توحيدًا مدنيًّا وسياسيًّا - إلى ٤ أو ٥ ملايين من المسلمين القاطنين في نواحي (أديل - قاما) لست أدري مَن ذا الذي جاء بهذا الخيال العظيم، هل نحن المرتقين؟ أم العامة الذين يكونون عادةًَ بعيدين عن أمثال هذه الأفكار العظيمة؟ لا يمكن للمستنيرين من المسلمين أن يشتغلوا بأمثال هذه الفكرة التي تعلم بالبَدَاهَةِ أنها فكرةٌ ساقطةٌ غير رائجة. أيها الأفندية! الجامعة الإسلامية هي خيال محض لا غير. وهي مما جاء به المبشرون أدعياء السياسة , الذين اتخذوا عداوة المسلمين أساسًا لعملهم، ولا وجودَ لها إلا في كتبهم ومقالاتهم. أيها الأفندية! يمكنكم أن تسألوني الآن: إذا لم يكن للجامعة الإسلامية وجود , فَمِنْ أين جاءت هذه الفكرة؟ ولأي شيء بدأت جرائد حزب اليمين تكثر من الكتابة فيها؟ فأنا مع الامتنان لكم أجيب على هذا السؤال قائلاً: الجامعة الإسلامية هي مما فكر فيه حتى أخرجه إلى الوجود الذهني مبشرو الروس أدعياء السياسة، وهي ليست من مبتكرات أفكارهم وحدهم , بل كانت هذه الفكرة موجودةً من قبلُ، وكان يكتب فيها قديمًا المستشرقون من تَبَعَةِ الدُّوَلِ الأجنبيةِ اللاتي ليس لهن رعايا من المسلمين , وهم يفكرون: أنه إذا كانت الجامعة الجرمانية قد وجدت والجامعة السلافية كذلك , فكيف لا توجد الجامعة الإسلامية؟ ولكن لا يوجد فيهم من قال بوجودها فعلاً وإنما هم يكتبون فيها كتابةً , ويجوزون وجود فكرة سياسية باسم الجامعة الإسلامية , ولا يستبعد أن يكون ظهور الجامعة الإسلامية إلى الوجود أمرًا مرغوبًا فيه عند مستشرقي الألمان والنمسة والمجر، والظاهر أن المبشرين عندنا قد سمعوا تلكم الأقوال , فتمسكوا بها وأخذوا في استعمالها بمهارة زائدة لمنافع جمعياتهم الروحية، وهاكم الدليل على ما أقول: توجد عندنا جمعيات تسمى جمعيات المبشرين. أكبرها جمعية مبشري الأرثوذكس , وعندها أموال كثيرة جِدًّا، ولكن أكثرها هجومًا على المسلمين جمعية إخوان الجيل المقدس (براتستواسوه توي غوري) في مدينة قزان , ويمكنني أن أقول: إنني قد طالعت أدبياتهم من زمان بعيد منذ صغري. أيها الأفندية! كلمة الجامعة الإسلامية لا تكاد توجد في أدبيات المبشرين المدونة إلا منذ سنة ١٩٠٨ هم يعيبون علينا أن ننظر إلى أدبياتهم بعين غير عيونهم , وعدم الرغبة في دخول المكاتب الروسية، ويقولون: إن الأئمة يقاومون انتشار النصرانية , وأحيانًا يعيبون الحكومة لعدم مشيها على رأيهم في إكراه المسلمين على التنصر، كل هذه الأشياء موجودة في كتبهم وأدبياتهم، ولكن لا يوجد ولا كلمة واحدة في الجامعة الإسلامية إلى سنة ١٩٠٨ , وبعدها صارت تُكتبُ مقالات وأخبار في الجامعة الإسلامية في مجلاتهم ورسائلهم المنتشرة فبأي صورة ينبغي لنا أن نفهم ذلك؟ لأي شيء أخذوا يكتبون في تلكم الجامعة الإسلامية منذ سنة ١٩٠٨ فقط؟ السبب في هذا هو ما يأتي: المبشرون في روسية عمومًا ومبشرو مدينة قزان خصوصًا يريدون منذ زمان بعيد أن يلعبوا دورًا مهمًّا مع المسلمين , وأن يحملوا الحكومة على سياسة الهجوم عليهم , ولكن لَمَّا يبلغوا من مقاصدهم ما يريدون. كانوا يلقنون الحكومة قبل إعلان الدستور ما يجب عليها - على زعمهم - من السياسة المتعبة في حق المسلمين، ولكن ما كانت تلقيناتهم ومساعيهم في حمل الحكومة على سياسة الهجوم مقبولة في دوائرها في وقت من الأوقات كما كانت في وزارة أسطالبين [١] ، ولما علموا تمسك أسطالبين بالسياسة المِلِّيَّة زعامة قروبينسكي وبوبرينسكي ومن على شاكلتهما في الحزب الملي في الدوما أيقنوا بأن وقت العمل لتحقيق مقاصدهم قد جاء , وأدركوا أن كلامهم ضد المسلمين صار مصدقًا في بترسبورغ مهما كانت درجته من الصحة. فلذلك أخذوا يخوفون الحكومة تخويفًا منذ سنة ١٩٠٨ بوجود الجامعة الإسلامية، وأخذ مبشرو قزان يرسلون اللوائح تلو اللوائح إلى وزارة الداخلية (عندي صور هذه اللوائح كلها) وقد كتبوا في لوائحهم هذه عن وجود حركة هائلة بين المسلمين ضد حكومة روسية , وبينوا ضرورة ووجوب مقاومة هذه الحركة وغيرها ما يماثلها وبعد ذلكم انعقدت جمعية المبشرين في قزان سنة ١٩١٠ , وكرروا فيها ما كتبوه في هذه اللوائح. فهم يصيحون بوجود حركة هائلة بيننا , ولا يأتون بدليل على دعواهم مطلقًا. أيها الأفندية! أرى من الواجب قراءة بعض قرارات هذه الجمعية - جمعية المبشرين المنعقدة في قزان - لتقيس بها لائحة أخرى صادرة من دوائر الحكومة سيأتي بيانها. وإليكم الآن قرارات الجمعية في حقِّنَا (وكان فيها طبعًا كلام وبحث في غير المسلمين , ولكن أغلب الأبحاث كانت في المسلمين) وهم يَدَّعُونَ أَنَّ جَمِيعَ التدابير والقرارات قد اتخذت لمقاومة الجامعة الإسلامية , فَلْنَنْظَرْ هَلْ هي كما يَدَّعُونَ , وَهِيَ: ١- طلب إعانة سنوية من خزينة الحكومة لجمعية (سوه توي غوري) وهذا بِنَاءً على فَقْرِ الجمعية. ٢- طلب الإعانة من الحكومة لتربية شعبة مدارس المبشرين في مدينة وياتكه. ٣- طلب تكثير المكاتب الكنيسية بين التتر المكرهين [٢] مقاومةً للإسلام , وطلب إعانة من الحكومة للجان التراجم توزع كما يأتي: للجنة الترجمة في قزان ٥٠٠٠ روبل , ولها في سمبر ٢٠٠٠ روبل , ولكل من لجان صمار وأورنبورغ وطابول وطومسكي ١٠٠٠ روبل. ٤- تعين المبشرين الكبار في الألوية (المديريات) التي يوجد فيها أقوام من غير الروس. ٥- دعوة أعضاء الجمعية المبشرين من الذين يشتغلون في مؤسسات الحكومة, وهم ليسوا من الإكليريكيين. ٦- نشر الرسائل المبينة فيها دلائل أساس النصرانية وبراهين على بطلان الإسلام؛ وذلك لأجل الروس المتوطنين في ولايات يساكنهم فيها غيرهم , وكذلك لأجل أقوام آخرين. ٧- الرجاء من المأمورين في المقامات العالية محو الامتيازات الممنوحة لبعض العائلات في القريم والقوقاس وبين القزاق (وهذا أيضًا ضد الجامعة الإسلامية؟ ؟) . ٨- نشر مجلة لمقاومة فكرة الجامعة الإسلامية الموجودة في مطبوعات التتر الحديثة. ٩- نشر جريدة لبيان الأفكار الموجودة في المطبوعات الإسلامية في داخل روسية وخارجها. ١٠- الرجاء من السينات (شورى الدولة) طلبها من الحكومة أن توجب طبع جرائد ومجلات التتر باللغتين. التترية والروسية (كل هذا ضد الجامعة الإسلامية؟ ؟) . ١١- فصل المسلمين عن غيرهم وقت الانتخابات حتى لا يكون لهم تأثير في الآخرين. ١٢- تسليم مكاتب المسلمين الموجودة الآن إلى نظارة الحكومة. أيها الأفندية: هذه قرارات الجمعية التبشيرية لمقاومة الجامعة الإسلامية , وأود لو أرى نفعًا بسؤالهم عن وجود قرار واحد فقط يمكن أن يقال: إنه ضد الجامعة الإسلامية! لا، ليست هذه القرارات ولا واحد منها ضد الجامعة الإسلامية بل كلها لمقاومة الإسلام نفسه على خط مستقيم. لو كان المبشرون عندنا جمعوا جموعهم , وأجمعوا أمرهم مقتصرين على البحث في هذه المسألة , ولم يلقنوا الحكومة ما ينبغي لها - على زعمهم - من اتّباع السياسة الموافقة لِمَشْرَبِهِمْ في معاملة المسلمين , واقتصروا فيما ينشرونه على آرائهم وأفكارهم آمنين مطمئنين لَمَا كان لَنَا أن نقولَ كلمةً فيهم , ولكنهم مع الأسف لا يكتفون بالاشتغال بها وَحْدَهَا بل هم دائمًا - لا سِيَّمَا الآن - يجتهدون بأن يؤثروا في سياسة الحكومة حتى وصلوا في وَزَارَةِ أسطالبين إلى كثير من مقاصدهم. رأوا من أسطالبين ميله - في غير شئون الروس - إلى ما يَرْتَأُونَهُ من اتخاذ الوسائل الشديدة فأرادوا حمله على سياسة الهجوم. ومن جهة ثانية فإنهم يعرفون فيه نوعًا من علوّ الجَناب. فلو أنهم قالوا له: (إن المسلمين يعيشون ساكتين مطمئنين) لَمَا دخل أسطالبين في طريق الهجوم ضد المسلمين حتى ولو كان الأئمة يقاومون الدعاة في نشر النصرانية بالعقل، فلحمل أسطالبين على اتخاذ التدابير الشديدة ضد المسلمين ارتأوا أن يوهموا الناس بوجود تلكم الحركة الهائلة بين المسلمين؛ ولذلك أخرجوا بعد تفكير عميق خيالاً عظيمًا وشبحًا مجسمًا باسم الجامعة الإسلامية. ولما أقنعوا الحكومة بوجود تلكم الجامعة بواسطة لوائحهم المرفوعة إلى أسطالبين , وقراراتهم في الجمعية التبشيرية في قزان , وفقوا لحمل الحكومة على عقد جمعية شورية في دائرة الوزارة الداخلية خصيصة بالبحث في التدابير ضد الجامعة الإسلامية، وأكثر أعضاء هذه الجمعية من مبشري مدينة قزان موجود , وهذه الفكرة (بيسقوب ألسكي وغيرهم) . وهذه الجمعية وجدت تدابير كثيرة ضد هذه الجامعة. ولكن هذه التدابير التي يقال: إنها لمقاومة الجامعة الإسلامية ليست كما يَدَّعُونَ بل هي لمقاومة الإسلام نفسه، أذكر لكم الآن الوسائل التي وجدت موافقة لمقاومة الجامعة الإسلامية من طرف المأمورين الملكيين، ثم أبين لكم عدم وجود فرق بين قرارات جمعية المبشرين وبين وسائل رجال الحكومة، ليست مشابهة قرارات المبشرين لقرارات رجال الحكومة من حيث المعنى والمآل فقط , بل يشبه بعضها بعضًا مِنْ حَيْثُ الألفاظُ والعباراتُ، وخلاصةُ الكلامِ: أن التدابير التي أجمعوا عليها في الجمعية التبشيرية لمقاومة الجامعة الإسلامية قد حازت تَمَامَ القَبُولِ عند المأمورين الملكيين , وترأس الجمعية الشورية معاون وزير الداخلية (خاروزين) وربما اعترف بما عملوا. لا أقرأ جميع اللائحة المقدمة لشورى الوزارء في شئون الجامعة الإسلامية الموقعة من أسطالبين وغيره , بل أقرأ شيئًا منها، وهو: (للخطاب بقية) ((يتبع بمقال تالٍ))