(الحيوان والإنسان أو خاتمة رسائل إخوان الصفا) هذه الرسائل مشهورة عند أهل العلم والاطلاع، فمنهم من يتنافس فيها لما احتوت عليه من الفلسفة والتصوف وغرائب العلوم، ومنهم من يحظر النظر فيها لذلك، وقلّ من يعرف مؤلفيها وهم على ما نُقل عن أبي حيان التوحيدي: زيد ابن رفاعة، وأبو سليمان محمد بن مشعر البستي، وأبو حسن علي بن هارون الزنجاني، وأبو أحمد المهرجاني، والعوفي وآخرون، ومرادهم بتأليفها إلباس الفلسفة لباس الدين؛ ليقبلها أو يقبل عليها منكروها من جماهير المسلمين، وأسلوبهم في كتابتها غريب تلذ قراءته، وتستملح عبارته، وعذرهم في هذا الطريق الوعر، والمركب الخشن، أنهم فُتنوا بفلسفة اليونان، ورأوا أنه لا بد منها للإنسان، ورأوا المسلمين يناصبون المشتغلين بها ويناهضونهم، ويضللونهم ويكفرونهم، وحسبوا أن هذا الملك لا يُعارض، وصاحبه ينهض ولا يُناهض، فخاب الأمل، وحبط العمل، وكانوا عند تأليف رسائلهم بثوها في الوراقين، لتنتشر بسرعة في العالمين، وربما كانوا في أنفسهم مخلصين؛ ولكن ما عتَّم أن عتمت، وبطنت عقيب أن ظهرت، إلى أن أحيت الطباعة رفاتها، والأمور مرهونة بأوقاتها. طُبعت الرسائل في الهند فراجت حتى لا تكاد توجد نسخها، وطُبع منها في مصر الجزء الأول، ولم يتسن لطابعه إتمامها، وفي هذه الأيام تصدى النشيط الفاضل، محمد علي أفندي كامل، لطبع الجزء الأخير الذي هو زبدة الرسائل وخاتمتها في مطبعة دار الترقي المتقنة بشكل لطيف، على ورق نظيف. وهذا الجزء يصف تداعي الحيوانات على الإنسان، لدى ملك الجان، وما جرى بينهم من المحاورات، والمناظرات والمجادلات، ونتيجة ذلك حكم ملك الجان بأن تكون أنواع الحيوان، في تصرف الإنسان، فنحث أهل العلم والفضل، وذوي الذكاء والنبل، على الاطلاع على هذا الأسلوب الساحر، مما ترك الأول للآخر، ولكن رأينا أن لا تُحتذى هذه الرسائل بمزج الفلسفة بالدين، فذلك مضيعة للأمرين. *** (تاريخ دولة آل سلجوق) من إنشاء الشهير عماد الدين محمد بن محمد بن حامد الأصفهاني، واختصره الفتح بن علي بن محمد البنداري الأصفهاني رحمهما الله تعالى، والكتاب كله سجع مما يسمونه السهل الممتنع، والوقوف على تاريخ هذه الدولة الإسلامية العظيمة لا يستغني عنه من يهمه الوقوف على شؤون المسلمين ومعرفة أحوالهم الاجتماعية، وقد طُبع على نفقة شركة طبع الكتب العربية في مطبعة الموسوعات طبعًا متقنًا على ورق جيد وثمنه عشرة قروش أميرية. *** (تتمة البيان في تاريخ الأفغان) كان السيد جمال الدين الأفغاني الفيلسوف الإسلامي الشهير كتب رسائل سماها (البيان في الإنكليز والأفغان) كان لها وقع شديد في البلاد الإنكليزية عندما نُشرت في الجرائد المصرية التي أنشأها تلامذة السيد في مصر بإرشاده، وردَّت عليها الجرائد الإنكليزية معظمة شأن السيد معجبة به، ولم يكن قد اشتهر اسمه في أوربا فتصدى هو للرد عليها؛ حتى إن المستر غلادستون اضطر إلى الرد على السيد بنفسه، ثم سأل السيد تلامذته أن يملي عليهم تاريخ الأفغان فأملى عليهم مقالات نشرت في جريدة مصر التي كانت يصدرها في الإسكندرية فقيد الأدب والصحافة أديب بك إسحاق، وسمى مجموعها تتمة البيان في الإنكليز والأفغان، وذكر فيها محاربة الإنكليز للأفغان والاستيلاء على بلادهم، ثم إخراج الأفغان لهم منها بالقوة وفيها ذكر أصل الأفغان وتاريخهم وعاداتهم وسائر شؤونهم، وقد عثر على هذا التاريخ الأديب النشيط علي أفندي يوسف الكريدلي صاحب ومحرر جريدة العلم العثماني، وطبعه في مطبعة الموسوعات طبعًا متقنًا على ورق جيد وصدَّره برسم أمير الأفغان الحالي الأمير عبد الرحمن وأهداه إياه، وفيه أيضًا رسم السيد جمال الدين، وثمن النسخة منه خمسة قروش أميرية، ويباع في جميع المكاتب الشهيرة في القاهرة. *** (وردة) أسطورة علمية تاريخية تمثل أخلاق المصريين وعاداتهم في عهد رمسيس الثاني، وترسم للقارئ نظام حكومتهم وما وصلوا إليه من التقدم في العلوم والمعارف، أبرزها من الآثار القديمة وأوراق البردي الدكتور جورج إيبرس الألماني، ونقلها إلى العربية صديقنا الكاتب الفاضل محمد أفندي مسعود أحد محرري جريدة المؤيد الغراء ونابغي الناشئة المصرية في هذا العصر، وقد كان سبقه إلى تعريبها من حيث لا يعلم الدكتور العالم الشهير يعقوب أفندي صروف محرر مجلة المقتطف، ولم يطبعها؛ لأنه لم يستأذن بطبعها من مؤلفها؛ ولكن محمد أفندي مسعود استأذن قبل أن يُعَرِّب، وقد طُبع الجزء الأول منها وهو يزيد على ثلاثمائة صفحة بالحرف الصغير، وتُطلب من مُعَرِّبها في إدارة المؤيد بمصر، فنحث جميع القراء على مطالعتها. *** (تنبيه مهم جدًّا) لدينا مقالة لفضيلة مفتي الديار المصرية في أعظم شبهة على الدين في كتب المسلمين، وهي مسألة الغرانيق، وتفسير الآية التي استدل بها عليها، وستنشر في باب التفسير من الجزء الآتي.