للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مذكرات مؤتمر الخلافة الإسلامية [*]

محضر الجلسة الأولى
يوم الخميس أول ذي القعدة الحرام سنة ١٣٤٤هـ
١٣ مايو سنة ١٩٢٦م
اجتمع المؤتمر الإسلامي العام للخلافة بمصر في دار المعاهد الدينية التابعة
للجامع الأزهر الشريف في الحلمية بمدينة القاهرة، الساعة الحادية عشرة صباحًا
يوم الخميس أول ذي القعدة الحرام سنة ١٣٤٤هـ (١٣ مايو سنة ١٩٢٦م)
برياسة حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر، الشيخ محمد أبي الفضل شيخ
الجامع الأزهر الشريف ورئيس المؤتمر، وحضور حضرات أصحاب الفضيلة
والسيادة والسعادة والعزة:
الشيخ محمد مصطفى المراغي رئيس المحكمة الشرعية العليا من مصر.
الشيخ عبد الرحمن قراعة مفتي الديار المصرية من مصر.
الشيخ حسين والي السكرتير العام لمجلس الأزهر والمعاهد الدينية. من مصر
الشيخ أحمد هارون وكيل الجامع الأزهر والمدير العام للمعاهد الدينية ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... من مصر.
الشيخ محمد فراج المنياوي السكرتير الخاص لشيخ الجامع الأزهر ورئيس
مجلسه الأعلى) من مصر
السيد الإدريسي السنوسي أمير برقة وطرابلس من طرابلس الغرب.
أحمد شتيوي السويحلي بك حاكم مصراطة سابقًا من طرابلس الغرب.
التهامي قليصة بك رئيس مالية مصراطة سابقًا من طرابلس الغرب.
الشيخ عمر الميساوي مفتي الخمس سابقاً من طرابلس الغرب.
محمد الصالحي التونسي العضو في مجلس الأمة الكبير في تونس.
السيد محمد الصديق من أكابر العلماء والأشراف من مراكش.
أحمد بهار الدين أفندي مندوب جمعية الخلافة بجنوب إفريقيا.
أبو بكر جمال الدين أفندي مندوب الجمعية الإسلامية بجنوب إفريقيا.
الدكتور الحاج عبد الله أحمد مندوب جزر الهند الشرقية.
الدكتور الحاج عبد الكريم أمر الله مندوب جزر الهند الشرقية.
السيد حسن العطاس مندوب سلطنة جوهور.
عناية الله خان المشرقي رئيس دار العلوم بالهند.
السيد الميرغني الإدريسي من أمراء تهامة اليمن.
الشيخ عبد الرحمن بن علي من قضاة اليمن سابقاً وأعيانها.
الشريف يحيى عدنان باشا من أكابر أشراف الحجاز.
الشيخ خليل الخالدي رئيس محكمة الاستئناف الشرعية من فلسطين.
أسعد الشقيري مجلس التدقيقات الشرعية بالآستانة سابقًا.
إسماعيل الخطيب المحامي الشرعي بفلسطين.
عارف باشا الدجاني من كبار أعيان فلسطين.
الشيخ حسن أبو السعود من فضلاء فلسطين.
محمد مراد أفندي مفتي حيفا من فلسطين.
جمال الحسيني بك سكرتير اللجنة التنفيذية للمؤتمر السادس الفلسطيني.
الشيخ عيسى منون مندوب المجلس الإسلامي الأعلى بفلسطين.
عطا الله الخطيب أفندي مدير أوقاف بغداد من العراق.
الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي الأستاذ في كلية آل البيت ببغداد.
يعقوب شنكوفيتش أفندي المفتى الأكبر لجمهورية بولونيا من أعضاء المؤتمر
بأوربا.
وتولى أعمال السكرتارية محمد قدري أفندي نائب السكرتير العام، حضرة
صاحب الفضيلة الشيخ حسين والي وساعده في ذلك: علي أحمد عزت أفندي،
أحمد عبد القادر أفندي، محمد شكري رجب أفندي، محمد عبد الرزاق أفندي،
أحمد وهبي الحريري أفندي، محمد المهدي أفندي، وكلهم من موظفي المعاهد
الدينية.
وأعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر رئيس المؤتمر افتتاح المؤتمر
بسم الله الرحمن الرحيم
ثم تلا القارئ الشهير الشيخ سليمان محرز سورة الفتح.
وبعد ذلك ناول حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس خطبة الافتتاح
لفضيلة الأستاذ الشيخ محمد فراج المنياوي سكرتيره الخاص فتلاها نيابة عنه
ونصها:
(بسم الله الرحمن الرحيم أفتتح المؤتمر)
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، نحمده أن جمع
بيننا وبينكم في سبيل الله على بعد الأقطار وطول الأسفار، ونشكره أن جعلنا
مستمسكين بحبله الذي لا ينفصم، رغبًا في الوحدة والائتلاف، ورهبًا من الفرقة
والاختلاف، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أرسله الله رحمة للعالمين وعلى
آله وصحبه الذين اتبعوا النور الذي أنزل معه، وجمعوا الكلمة، ووحدوا الوجهة.
أيها السادة:
نشكركم شكرًا يكافئ ما أقدمتم عليه من عمل للإسلام وما تحملتم من مشاق
كثيرة في إجابة الدعوة، لقد فارقتم في سبيل الله دياركم آمِّين مصر مجيبين داعي
الله.
نشكركم شكرًا يكافئ عظمة الإيمان الذي في قلوبكم وقد أقمتم الحجج العملية
على محبتكم لله ورسوله والمؤمنين، وسيكتب التاريخ لكم ولشعوبكم عمل عظماء
الرجال.
لقد قام بكم هذا المؤتمر العظيم، وهو أول مؤتمر إسلامي عام، فليقم بكم إن
شاء الله تعالى بناء الوحدة، ولتوثق بكم عروة الألفة عن فكر رشيد، ورأي سديد.
أيها السادة:
كان لزوال الخلافة ما تعلمون من الوقع الشديد في أنفس الشعوب الإسلامية،
ولقد تجاوبت أصواتهم من الأرجاء البعيدة والنواحي المختلفة يتلمسون سبيلاً إلى
الرشاد، ويتطلبون عقد مؤتمر إسلامي عام ينظر في الأمر من ناحية الدين، فنظر
العلماء في ذلك نظرة خالصة لله تعالى، واجتمعوا اجتماعاً تاريخيًّا، وقرروا عقد
المؤتمر على ما علمتم قيامًا بواجبهم الديني.
وقد أشير في أسباب هذا القرار إلى أن مركز الخلافة في نظر الدين الإسلامي
ونظر جميع المسلمين له من الأهمية ما لا يعدله شيء آخر. لما يترتب عليه من
إعلاء شأن الدين وأهله، ومن توحيد كلمة المسلمين وربطهم برباط قوي متين.
فوجب على المسلمين أن يفكروا في نظام الخلافة على قواعد توافق أحكام الدين
الإسلامي، ولا تجافي النظم الإسلامية التي رضيها المسلمون نظمًا لحكمهم.
غير أن الضجة التي ترتبت على زوال الخلافة جعلت العالم الإسلامي في
اضطراب لا يتمكن المسلمون معه من البت في هذه النظم وتكوين رأي ناضج فيها
إلا بعد الهدوء، وبعد الإمعان والروية، وبعد معرفة وجهات النظر في مختلف
الجهات. فاعملوا للإسلام ما يحفظه، وما يخلد لكم الذكر الجميل، مستعينين بالله
مخلصين له الدين. {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا
وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى:
١٣) ونرى من الواجب علينا أن نشكر للأمم الأخرى احترامهم لشؤوننا الخاصة.
ونسأل الله جل شأنه أن يهيئ لنا من أمرنا رشدًا، وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وأصحابه وسلم) .
ثم أستأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري وأرتقي منبر الخطابة
وألقي كلمة في تأثير الدعوة إلى المؤتمر، وقال: إنها دعوة مباركة، وقد لقيت آذاناً
سامعة، وقلوبًا واعية، ونفى غير ذلك مما كان يقوله بعض الظانين.
ثم قال: إن المادة (الحادية عشرة) من النظام الداخلي للمؤتمر وضعت
الخطب التي تلقى في المؤتمر تحت نظر لجنة، وكثير منا قد يخطب ارتجالاً،
فأقترح تعديل المادة واستثناء الخطب.
فاستأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي في الكلام وقال:
إن الغرض من هذه المادة أن الخطب التي تكون مكتوبة تعرض على اللجنة
للنظر فيها وتوزيعها على الجلسات كما يناسب موضوعاتها حتى تكون مهمة
المؤتمر سهلة.
وأما الخطب الارتجالية والمناقشات اللفظية التي تدور عادة بين المتفاهمين
فحضرات الأعضاء أحرار فيها بعد إذن الرئيس كما في النظام الداخلي للمؤتمر،
فاكتفى الأستاذ الشقيري واقتنع بهذا.
ثم ألقى صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي كلمة حيا فيها الحاضرين
بما يناسب المقام وشكر لهم إجابتهم الدعوة. ودعا الله سبحانه وتعالى أن يوفق
المؤتمرين لما فيه خير المسلمين.
ثم قال حضرة الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي:
أهذا النظام الذي وضع ليجري عليه المؤتمر في أعماله غير قابل للتعديل أم
قابل له؟ فربما يكون فيه ما هو محتاج للتعديل.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس:
لقد وضع هذا النظام بعد استقصاء وبحث كثيرين.
واستأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي في الكلام وقال:
إن هذا النظام وضعه المجلس الإداري للمؤتمر وهو مؤلف من جمع كثير فيه
الخبيرون بنظم المجالس النيابية الحديثة، وإذا رأيتم أن فيه ما قد يحتاج إلى تعديل
فلا مانع من تقديم اقتراح بالطريقة النظامية.
فاقتنع حضرة الأستاذ الثعالبي أفندي بذلك.
ثم استأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشقيري وقال:
إن كثيرًا كتبوا يقولون: قد يتوهم بعض الناس أن العواصم التي فيها تأثير
أجنبي لا يمكن الكلام فيها بالحرية التامة، ولكن المسلمين أحرار فيما يقولون:
فالبلاد الإسلامية التي فيها حاكم مسلم فيها الجمعة والجماعة والأحكام الدينية
فالمحافظة على الدين موجودة بحمد الله في كل قطر إسلامي.
وقد كتبت بعض الجرائد أن هذا المؤتمر ربما أخلّ بالمناسبات بين أمراء
المسلمين، وهذا مردود.
فطلب صاحب الفضيلة الأستاذ عطاء الله الخطيب أفندي من حضرة صاحب
الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس تطبيق المادة الحادية عشرة من النظام الداخلي
للمؤتمر القاضية بأن هذه الجلسة إنما هي لخطبة الافتتاح والتعارف، وتأليف لجنة
للنظر في الخطب والاقتراحات والأبحاث.
فتقبل ذلك الأستاذ الشقيري، وقال: لم أتكلم إلا بإذن.
ثم استأذن فضيلة الأستاذ الشيخ فراج المنياوي وارتقى منبر الخطابة وألقى
كلمة بيَّن فيها أنه ليس لعلماء مصر غاية إلا أداء واجبهم الديني، وأن للمؤتمر
الحرية التامة فيما يبحث وفيما يقرر. وشكر لحضرات أعضاء المؤتمر تفضلهم
بإجابة الدعوة. وذكر لهم أن أمر المسلمين بين أيديهم دون سواهم، حاثًّا على
الوحدة الإسلامية.
ثم طلب حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس الشروع في تأليف
لجنة من حضرات أعضاء المؤتمر للنظر في الخطب والاقتراحات والأبحاث قبل
عرضها على المؤتمر.
فاقترح حضرة جمال الحسيني بك الاستراحة ربع ساعة. فوافق على ذلك ثم
عاد المؤتمر إلى الاجتماع، وأخذت الآراء على أعضاء اللجنة وهل يكون انتخابهم
سريًّا، فكانت أغلبية الآراء أن عدد أعضائها بعدد الشعوب الإسلامية الممثلة في
المؤتمر وبالانتخاب السري وأنه إذا جاء مندوبون من شعوب أخرى غير الموجودين
الآن، فلمندوبي كل شعب الحق في انتخاب عضو لهذه اللجنة.
وعلى ذلك تم انتخاب أعضاء هذه اللجنة.
وأعلنت نتيجة الانتخاب فكانت كما يأتي:
حضرات أصحاب الفضيلة والسعادة:
الشيخ حسين والي من مصر
الشيخ محمد الصالحي التونسي من تونس
السيد محمد الصديق من مراكش
الشيخ أحمد بهار الدين أفندي من جنوب أفريقيا
يعقوب شنكوفتش أفندي من بولونيا
عناية الله خان المشرقي من الهند
السيد حسن العطاس من سلطنة جوهور
الشيخ خليل الخالدي من فلسطين
عبد العزيز الثعالبي أفندي من العراق
الشريف يحيى عدنان باشا من الحجاز
الشيخ عبد الرحمن بن علي من اليمن
الشيخ الميرغني الإدريسي من تهامة
الشيخ عمر الميساوي من طرابلس الغرب
ثم أعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس انتهاء الجلسة؛ إذ كانت
الساعة الواحدة بعد الظهر على أن يجتمع المؤتمر الساعة الرابعة بعد ظهر يوم
السبت المقبل ٣ ذي القعدة الحرام سنة ١٣٤٤هـ (١٥ مايو سنة ١٩٢٦م) .
نائب السكرتير العام ... ... ... ... ... رئيس المؤتمر
إمضاء/ محمد قدري ... ... ... ... ... ختم/ محمد أبو الفضل
***
محضر الجلسة الثانية
يوم السبت ٣ ذي القعدة الحرام سنة ١٣٤٤هـ
١٥ مايو سنة ١٩٢٦م
(اجتمع المؤتمر في الساعة الرابعة والنصف مساءً برئاسة الأستاذ الأكبر
شيخ الجامع الأزهر، وحضور من حضروا الجلسة الأولى وزاد عليهم:
السيد محمدعلي الببلاوي نقيب السادة الأشراف بالديار المصرية.
السيد عبد الحميد البكري شيخ مشايخ الطرق الصوفية بالديار المصرية.
الشيخ محمد عبد اللطيف الطعام شيخ معهد الإسكندرية بمصر.
الشيخ عبد الغني محمود شيخ معهد طنطا بمصر.
الشيخ محمد الأحمدي الظواهري شيخ معهد أسيوط بمصر.
الشيخ إبراهيم الجبالي شيخ معهد الزقازيق بمصر.
الشيخ عبد المجيد اللبان المفتش بالمعاهد الدينية بمصر.
ولم يحضره السيد الميرغني الإدريسي لعذر، والشيخ إسماعيل الخطيب
المحامي الشرعي.
وتولى أعمال السكرتارية من كانوا في الجلسة الأولى.
وأعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس افتتاح الجلسة، وأذن
بتلاوة محضر الجلسة الماضية. فتلاه علي أحمد عزت أفندي من السكرتيرين
المساعدين.
ولم يحصل من حضرات الأعضاء اعتراض على صيغته فاعتبر موافقاً عليه
ثم تليت برقية من أحد أعضاء لجنة الخلافة بجنوب أفريقيا فيها رجاء النجاح
للمؤتمر. ثم حصلت مناقشة حول تلاوة برقية وردت من مكتب الاستعلامات
السوري فيها إنكار لتصرف الفرنسيين في دمشق، اشترك فيها حضرات أصحاب
الفضيلة والسيادة والعزة الأساتذة: جمال الدين الحسيني، والشيخ حسين والي،
والشيخ محمد فراج المنياوي، والشيخ أسعد الشقيري، والشيخ محمد الصالحي
التونسي، ومحمد مراد أفندي، والسيد محمد الببلاوي، وحسن أبو السعود أفندي،
وعبد العزيز الثعالبي أفندي.
ثم وافق المؤتمر بالأغلبية على تلاوتها فتليت.
ثم اقترح حضرة الأستاذ جمال الحسيني بك من مندوبي فلسطين أن يصدر
المؤتمر احتجاجًا على ذلك وأن يحيل هذا الاقتراح إلى لجنة الاقتراحات. فحصلت
مناقشة في ذلك اشترك فيها حضرات أصحاب الفضيلة والعزة الأساتذة: عبد العزيز
الثعالبي أفندي، والشيخ محمد فراج المنياوي، ومحمد مراد أفندي، والشيخ
إبراهيم الجبالي، والشيخ حسين والي وجمال الحسيني بك، والشيخ عبد الرحمن
قراعة.
ثم وافق المؤتمر على إحالة الاقتراح إلى هذه اللجنة.
ثم استأذن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ حسن أبي السعود أفندي وقال:
إن هناك مادتين من مواد النظام الداخلي للمؤتمر. إحداهما المادة الثانية التي
تذكر أن يكون للرئيس وكيل يعينه المجلس الإداري للمؤتمر ويقوم بأعمال الرئيس
حال غيابه. ورأيي أن يفصل في مسألة الوكيل الآن قبل الخوض في أعمال
المؤتمر. والأخرى المادة الثانية والعشرون التي تقول (عند أخذ الآراء في المسائل
المبينة في البرنامج وفي الاقتراحات العلمية تعتبر أغلبية آراء الحاضرين. وإذا
تساوت يرجح الجانب الذي فيه الرئيس) وطلب الأستاذ أخذ الرأي في المسألة
الأولى، هل يبقى انتخاب وكيل الرئيس للمجلس الإداري للمؤتمر أو يجعل هذا
الحق للمؤتمرين جميعًا.
فاستأذن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الرحمن قراعة مفتي
الديار المصرية وقال: إن صاحب الحق في انتخاب الوكيل هو المجلس الإداري
للمؤتمر.
ثم استأذن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي وقال: إذا كان
لابد من الكلام في هذا فليقدم اقتراح به، وليحوّل إلى لجنة الاقتراحات.
فاكتفى حضرة الأستاذ حسن أبي السعود أفندي بهذا ثم قرأ المادة الثانية
والعشرين السابقة الذكر واقترح أن تكون الآراء بعدد الشعوب الممثلة في المؤتمر
فيكون لكل شعب صوت واحد.
ثم استأذن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ عطاء الله الخطيب أفندي واقترح
تلاوة مواد النظام الداخلي للمؤتمر مادة مادة وأخذ الرأي فيها.
فحصلت مناقشة في الاقتراحين اشترك فيها حضرة صاحبي الفضيلة
الأستاذين الشيخ حسين والي، وعطاء الله الخطيب أفندي، وحضرة صاحب
السعادة عارف الدجاني باشا.
ثم وافق المؤتمر على أن يحول الاقتراحان إلى لجنة الاقتراحات.
ثم قال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس: لنظر الآن في أعمال
المؤتمر المبينة في برنامجه وتعيين عدد جلساته وتوزيع الأعمال في الجلسات وفقًا
للمادة الثانية عشرة من النظام الداخلي للمؤتمر.
فحصلت مناقشة حول ذلك أشترك فيها حضرات أصحاب الفضيلة الأساتذة
عبد العزيز الثعالبي أفندي، والشيخ حسين والي، والشيخ الأحمدي الظواهري
وعطاء الله الخطيب أفندي، والشيخ أسعد الشقيري.
ثم اقترح حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي تأليف لجنتين
واحدة علمية لبحث المسائل الثلاث الأولى من برنامج المؤتمر والثانية لبحث
المسائل الثلاث الأخرى منه.
فواق المؤتمر على هاتين اللجنتين.
ثم اقترح حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري أن تكون
اللجنة الأولى مؤلفة من عشرة أعضاء.
واقترح حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الأحمدي الظواهري أن
يضم إلى أعضائها شيخ الحنابلة بالديار المصرية.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي: لا مانع من ضم
فضيلته إلى اللجنة وأن لم يكن من أعضاء المؤتمر.
واقترح أن تكون اللجنة مؤلفة من تسعة أعضاء: ثلاثة من كل مذهب والعاشر
شيخ السادة الحنابلة.
وقال حضرة الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي: أرى أن يكون شيخ السادة
الحنابلة مستشارًا.
فوافق المؤتمر على ذلك.
ثم رفعت الجلسة للاستراحة وصلاة المغرب إذ كانت الساعة السادسة والثلث
مساءً. وهنا استأذن صاحب السمو الأمير السيد إدريس السنوسي حضرة صاحب
الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس في الانصراف فأذن لسموه.
ثم عادت الجلسة إلى الانعقاد الساعة السابعة مساءً. فأمر حضرة صاحب
الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس بأخذ الآراء فيما ذكر.
فأخذت الآراء بطريق الانتخاب السري لتأليف اللجنة التي تبحث المسائل
الثلاث الأولى من برنامج المؤتمر وهي:
١ - بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة في الإسلام
٢ - الخلافة واجبة في الإسلام
٣ - بم تنعقد الخلافة؟
ثم أعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس النتيجة فكان الذين
نالوا أغلبية الأصوات حضرات أصحاب الفضيلة الأساتذة:
حنفية:
الشيخ عبد الرحمن قراعة من مصر
الشيخ خليل الخالدي من فلسطين ...
الشيخ أحمد هارون من مصر ... ... ...
*** ... ...
مالكية: ...
الشيخ عبد العزيز محمود من مصر
السيد محمد الببلاوي من مصر ... ...
الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي من العراق
***
شافعية:
الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مصر
الشيخ حسين والي من مصر
الشيخ حسن أبي السعود من فلسطين
ووافق المؤتمر على أن يضم إلى هذه اللجنة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ
محمد سبيع الذهبي شيخ السادة الحنابلة بالديار المصرية بصفة مستشار.
ثم قال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الرحمن قراعة: إن صحتي
وأعمالي لا تساعدني على العمل مع اللجنة.
فلم يقبل المؤتمر من فضيلته ذلك، ورجاه العدول عن اعتذاره فقبل أن يكون
معها في بعض الأحيان.
ثم أخذت الآراء بطريق الانتخاب السري أيضًا لتأليف اللجنة التي تبحث
المسائل الثلاث الأخيرة من برنامج المؤتمر وهي:
١ـ هل يمكن الآن إيجاد الخلافة المستجمعة للشروط الشرعية؟
٢ـ إذا لم يكن من الميسور إيجاد هذه الخلافة فما الذي يجب أن
يعمل؟
٣ـ إذا قرر المؤتمر وجوب نصب خليفة فما الذي يتخذ لتنفيذ ذلك على أن
يراعى في انتخاب هذه اللجنة أن يكون لكل شعب عضو واحد فيها لم يسبق
انتخابه في لجنة بحث الخطب والاقتراحات إذا لم يوجد غيره من شعبه في
المؤتمر.
وأعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس النتيجة، فكانت أن
اللجنة تؤلف من حضرات أصحاب الفضيلة والسيادة والسعادة الأساتذة:
١- الشيخ محمد مصطفى المراغي من مصر
٢- الشيخ عطا الله الخطيب أفندي من العراق
٣- أبو بكر جمال الدين أفندي من جنوب أفريقيا
٤- الشيخ محمد الصالحي التونسي من تونس
٥- السيد محد الصديق من مراكش
٦- يعقوب شنكوفتش أفندي من بولونيا
٧- عناية الله خان المشرقي من الهند
٨- الشريف يحيى عدنان باشا من الحجاز
٩- السيد الميرغني الإدريسي من اليمن
١٠- محمد مراد أفندي من فلسطين
١١- الدكتور الحاج عبد الله أحمد من جزر الهند الشرقية
١٢- سمو السيد الأدريسي السنوسي أمير برقة وطرابلس
ثم اعتذر حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد مصطفى المراغي من
العمل في اللجنة بعذر قَبِله المؤتمر، فكان من يلي فضيلته في أغلبية الأصوات
حضرة صاحب السماحة السيد عبد الحميد البكري فانتخب بدله.
ويقصر على هذه اللجنة ويكتفي بحضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن
بن علي في لجنة الخطب والاقتراحات.
ثم اقترح حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي أن يكون اجتماع
اللجان الثلاث من الغد في الساعة التاسعة صباحًا؛ لتبحث كل لجنة فيما حول إليها ثم
ترفع رأيها إلى رياسة المؤتمر لتعرض ما تراه على المؤتمر في جلسة تعقد الساعة
الرابعة والنصف بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل
فوافق المؤتمر على ذلك.
ثم استأذن حضرة صاحب السمو والفضيلة الأستاذ الشيخ حسن أبي السعود في
تلاوة برقية من نائب رئيس اللجنة التنفيذي بفلسطين تشير إلى اتحاد فلسطين وعقد
مؤتمر لذلك في وقت قريب. فأذن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس
في تلاوتها فتلاها.
ثم أعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس انتهاء الجلسة إذ كانت
الساعة الثامنة والنصف على أن يجتمع المؤتمر الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر
يوم الثلاثاء المقبل.
نائب السكرتير العام ... ... ... ... ... رئيس المؤتمر
إمضاء/ محمد قدري ... ... ... ... ... ختم/ محمد أبو الفضل
***
محضر الجلسة الثالثة
يوم الثلاثاء ٦ ذي القعدة الحرام سنة ١٣٤٤هـ
(١٨ مايو سنة ١٩٢٦م)
(اجتمع المؤتمر في الساعة الخامسة برئاسة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع
الأزهر ورئيس المؤتمر وحضور من حضروا الجلسة الثانية، وزاد عليهم الشيخ
محمد بخيت مفتي الديار المصرية سابقًا وأحمد تيمور باشا عضو مجلس الشيوخ
ووحيد الأيوبي بك من الأعيان والشيخ محمد حبيب العبيدي مفتي الموصل والشيخ
عبد الله سراج قاضي قضاة الحجاز سابقًا) .
ولم يحضر حضرة السيد الميرغني الإدريسي لعذر.
وتولى أعمال السكرتارية من كانوا في الجلسة الثانية.
وأعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس افتتاح الجلسة، ثم أذن
بتلاوة محضر الجلسة الماضية المنعقدة يوم السبت ٣ ذي القعدة الحرام سنة
١٣٤٤هـ (١٤ مايو سنة ١٩٢٦م) فتلاه علي أحمد عزت أفندي من السكرتيرين
المساعدين ولم يعترض عليه فاعتبر موافقًا عليه.
ثم قال حضرة صاحب العزة جمال الحسيني بك: أذكر أن حضرة السكرتير
قال: يكون اليوم الأول بعد انتهاء عمل اللجان وهو يوم الثلاثاء ٦ ذي القعدة (أي
هذا اليوم) لنظر تقرير لجنة الاقتراحات واليوم الثاني لنظر تقرير اللجنة العلمية
واليوم الثالث لنظر تقرير اللجنة الثالثة، ولكننا رأينا أن عمل لجنة الاقتراحات لم
يذكر في جدول أعمال اليوم.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي: إني لما اقترحت
على المؤتمر تأليف لجنتين: الأولى للمسائل العلمية والثانية للمسائل الثلاث الأخيرة
من برنامج المؤتمر قلت (ولعل حضرات الأعضاء يذكرون) إن عمل هاتين
اللجنتين مع عمل لجنة الاقتراحات يقدم إلى الرياسة يوم الثلاثاء والرياسة بعد ذلك
تقدم للمؤتمر تقرير لجنة الاقتراحات أو تؤخره وتقدم عليه غيره.
فمسألة التقديم أو التأخير يرجع تقديرها إلى حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ
الأكبر رئيس المؤتمر.
وقد رأت رياسة المؤتمر في جلسة اليوم تقديم المسألة العلمية لأنها أمر
جوهري مقصود بالذات من عمل المؤتمر ولجنة الاقتراحات لم تحدث شيئًا جديدًا
يخالف النظام الداخلي للمؤتمر، وللمؤتمر الحرية في إبداء رأيه فيما يعرض عليه
وأرجو أن يكون بيننا حسن التفاهم حتى يمكن النظر في الغرض.
فقال حضرة صاحب العزة جمال الحسيني بك: أنا متفق مع الأستاذ ولكني
أقول: كيف يمكننا أن ننظر في أعمال اللجنتين اللجنة العلمية واللجنة الثالثة وتؤخذ
الآراء فيهما إذا كان تقرير لجنة الاقتراحات لم يعرض بعد وهو مشتمل على
الاقتراح المقدم في شأن أخذ الآراء؟
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي: اسمح لي أن أقول:
إن لجنة الاقتراحات لم تحدث شيئًا جديدًا يخالف النظام الذي وضع للمؤتمر كما
أشرت إلى ذلك من قبل، وإن النظام الداخلي للمؤتمر لموضوعٌ بإحكام ودقة.
والأمر بيننا سهل جدًّا، وإن الذي تنظرون فيه الآن هو عمل علمي محض
وليس له دخل في أمور سياسية، ولقد نزل المؤتمر على هذا النظام وقد أرسلناه إلى
حضرات أعضاء المؤتمر قبل البدء في العمل، وقد جرينا عليه إلى الآن فرجائي
من إخواني أن يقبلوه ولو مؤقتًا حتى يأتي وقت يدعو إلى تعديل فيه.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد مصطفى المراغي:
المسائل المعروضة على المؤتمر مسائل علمية والعلم مشاع بين الجميع، وليس من
حق أمة دون أخرى، فليس جزء من العلم لفلسطين وجزء منه للعراق وجزء منه
لجنوب أفريقيا، بل هو عام بين الجميع، فإذا وصلنا إلى مسألة من المسائل يكون
التصويت فيها من حق كل أمة فلا بأس من أن نراعي ذلك، أما المعروض الآن
فليس فيه ما يتعلق بحقوق الأمم، وعلى هذا فلا معنى لأن تثار مسألة التصويت.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ إبراهيم الجبالي: إن توزيع عمل
اللجان على الأيام لم يجر فيه كلام والذي يتكلم فيه (جمال بك) من المكملات ولا
ننظر فيها حتى ننظر في المقصد الأصلي، فالمعقول أن نبدأ بالمقصود الأصلي،
وأما مسألة التصويت: هل تكون بحسب أصوات الحاضرين أو حسب الجهات
الإسلامية فأقول: إننا لا نزال أمام مسائل علمية لا فرق فيها بين أن تكون في
جانبي أو جانبك ولا دخل لتمثيل الأمم فيها.
وقال حضرة صاحب العزة جمال الحسيني بك: إن هناك عملاً للجنة
الاقتراحات ونريد أن نسمع قرارها، وأنا أقول بوجوب بيان كيفية أخذ الأصوات.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ إبراهيم الجبالي: ننظر إلى
أصوات الحاضرين، فقد أكون أنا وأنت ممثلين لبلد واحد ولكل منا رأي.
وقال حضرة صاحب العزة جمال الحسيني بك: هذا الكلام قلناه في جلسة
سابقة وحول إلى اللجنة ونريد أن نسمع كلام اللجنة فيه.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ عطاء الله الخطيب أفندي: أرى أن
النزاع قد طال، وكثر القيل والقال، وقد طلبت قبل هذا واقترحت أن ينظر
المؤتمر في النظام الداخلي مادة مادة، ومن جملة الأسباب عدم ذكر مادة واضحة في
النظام تحسم مسألة التصويت.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد مصطفى المراغي: موجود
في النظام مادة في هذا الموضوع وهي المادة (٢٢) من النظام الداخلي للمؤتمر ثم
قرأ المادة وهي (عند أخذ الآراء في المسائل المبينة في البرامج، وفي الاقتراحات
العلمية تعتبر أغلبية آراء الحاضرين، وإذا تساوت يرجح الجانب الذي فيه الرئيس) .
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عطاء الله الخطيب أفندي: الآن
يفهم أن التصويت يجري بشكلين ففي المسائل العلمية يكون بشكل وفي غيرها يكون
بشكل آخر، وهذا يقتضي وضع مادة جديدة فيها أن المسائل العلمية يجري فيها
التصويت بحسب الأشخاص كما تقولون، وغير العلمية يكون التصويت فيها
بحسب الأمم، وأنا ما رأيت أن عملاً يجري فيه التصويت على شكلين.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي: نحن جرينا في هذا
المؤتمر على أغلبية آراء الحاضرين ولم نخالف ذلك إلى الآن.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ إبراهيم الجبالي: رأى المؤتمر
في تشكيل اللجان أن تمثل جميع الشعوب ورأى في اجتماعه من أول الأمر أن
تؤخذ الأصوات باعتبار عدد الحاضرين.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد مصطفى المراغي: الأمر
واضح فإذا قلنا: إننا نريد أن نعين خليفة من فلسطين أو العراق فليكن بعدد أصوات
الأمم، وإذا قلنا: إنه يشترط في الخليفة أن يكون عادلاً حرًّا إلى آخر شرائطه فلم أر
معنى لأخذ الأصوات بحسب الأمم.
فقال حضرة صاحب العزة جمال الحسيني بك: الكلام الآن يشعر بأن النظام
سيجري بأشكال.
فقال حضرة الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي: لا أرى داعيًا لهذا التشاد
نحن الآن معروض علينا مسألة علمية فلنبت فيها ثم بعد ذلك إذا عرضت علينا
مسائل أخرى فعندئذ نعطي فيها رأينا، فلماذا نستعجل الشيء قبل أوانه؟
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد حبيب العبيدي: يجب أن
أعلم هل وافقت هيئة المؤتمر الموقر على هذا النظام الداخلي حتى يتخذه بعضنا
حجة على الآخر، أنا لم أتشرف بالحضور إلا في هذه الجلسة، فإن كانت هيئة
المؤتمر وافقت على هذا النظام فتعتبر مواده حجة وإلا فلا.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسن أبي السعود: أنا طلبت
تعديل هذه المواد، وكذلك عطاء الله الخطيب أفندي وقلنا: إنها لا تعتبر ما لم يوافق
عليها المؤتمر.
وقال حضرة الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي: المسألة المعروضة مسألة
فرعية علمية وبعد الفراغ منها ننظر.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد فراج المنياوي: لقد أردتم
في الجلسة الماضية بعض الإصلاح في النظام الداخلي. فقال فضيلة الأستاذ الشيخ
حسين والي: إن كان هناك ملاحظات على النظام فلتعرض على لجنة الاقتراحات
وانتهى الأمر بأن أحيلت المسألة إلى اللجنة، فعلينا أن نترك لها الأمر حتى يعرض
قرارها على المؤتمر بعد المسائل الجوهرية. وهذه هي الجلسة الثالثة ولم نعمل في
النقط الجوهرية إلى هذه اللحظة شيئًا، وأنتم أغير على المصلحة.
وقال حضرة صاحب العزة جمال الحسيني بك: متى يعرض يا سيدي قرار
اللجنة؟ فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد فراج المنياوي: المسائل
الهامة التي يهم حضراتكم النظر فيها هي المسائل المبينة في برنامج المؤتمر وهي
المعروضة الآن.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد حبيب العبيدي: أيكون
عملنا فوضى. لقد سمي بالنظام الداخلي لأجل أن يجري الكلام في هذا المؤتمر
على مقتضاه؛ فلأجل ذلك يجب أولاً أن يوافق عليه المؤتمر.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد فراج المنياوي: قيل في
الجلسة الماضية: إن هذا النظام قد وضعه المجلس الإداري للمؤتمر، وجرينا عليه
إلى الآن.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد حبيب العبيدي: ما
حضرت في الجلسة الماضية ولا التي قبلها، وأنا أسأل هل وافق المؤتمر على هذا
النظام أم لا؟
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ إسماعيل الخطيب: من المعلوم
أن الوزارات في غيبة المجالس النيابية تضع قوانين مخصوصة لأوقات مخصوصة
فإذا اجتمع المجلس النيابي تعرض عليه هذه القوانين، فإما أن يوافق عليها أو لا
يوافق، والمجلس الإداري للمؤتمر وضع هذا النظام، فيعمل به إلى حين أخذ رأي
المؤتمر فيه، وهو إلى الآن معمول به حتى يوافق عليه المؤتمر.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد حبيب العبيدي: إذا كان
المؤتمر لم يوافق عليه إلى الآن فلا أعترف به، إذاً هو قانون مؤقت، فمتى ينتهي
أمره؟
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ إسماعيل الخطيب: ينتهي أمره
بموافقة أعضاء المؤتمر عليه.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الرحمن قراعة: إن
الاقتراحات حولت إلى لجنة وسيرفع إليكم تقريرها ولا بد أن تنظروا فيه ونحن الآن
نقدم الأهم على المهم، فأمامنا أمر جوهري وهو ما اجتمع المؤتمر لأجله، فإذا فرعنا
منه نطلب بإلحاح من سكرتارية المؤتمر أن تقدم لنا تقرير لجنة الاقتراحات.
وهنا أعلن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس انتهاء
المناقشة وأمر بتلاوة تقرير اللجنة العلمية.
فتلا حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الأحمدي الظواهري مقرر
اللجنة العلمية المؤلفة لبحث المسائل الثلاث الأولى من برنامج المؤتمر تقرير هذه
اللجنة وهذا نصه:
تقرير
(اللجنة التي ألفها المؤتمر الإسلامي العام للخلافة بمصر في جلسته المنعقدة
يوم السبت ٣ ذي القعدة الحرام سنة١٣٤٤هـ (١٥ مايو سنة ١٩٢٦م) لبحث
المسائل الثلاث الأولى من برنامج المؤتمر من حضرات أصحاب الفضيلة والسيادة
الأساتذة:
حنفية:
الشيخ عبد الرحمن قراعة
الشيخ خليل الخالدي
الشيخ أحمد هارون
مالكية:
الشيخ عبد الغني محمود
السيد محمد علي الببلاوي
عبد العزيز الثعالبي أفندي
شافعية:
الشيخ محمد الأحمدي الظواهري
الشيخ حسين والي
الشيخ حسن أبي السعود
وحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد سبيع الذهبي الحنبلي عضوًا
استشاريًّا.
انعقدت اللجنة في يوم الأحد والاثنين والثلاثاء ٤، ٥، ٦ ذي القعدة الحرام
سنة ١٣٤٤هـ (١٦، ١٧، ١٨ مايو سنة ١٩٢٦م) وبحثت المسائل الثلاث
مسألة مسألة وهي:
١ - بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة في الإسلام.
٢ - الخلافة واجبة في الإسلام.
٣ - بم تنعقد الخلافة.
وبعد المباحثة ومراجعة الكتب المعول عليها قررت ما يأتي بيانه.
وقد رأت عدم الإطالة بذكر الأدلة والمآخذ رعاية للزمن، ولأن غالب ذلك
معروف مبسوط في الكتب المشهورة:
***
المسألة الأولى
بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة في الإسلام
١ - حقيقة الخلافة: هي رياسة عامة للدين والدنيا وحفظ حوزة الملة نيابة
عن صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم. فلابد في تحقيقها من الجمع بين
الرياستين: الرياسة الدينية والرياسة الدنيوية، وفصل إحداهما عن الأخرى أو تقييد
الخلافة بإحداهما دون الأخرى مخرج للخلافة عن معناها الحقيقي ونقض لأصل عقد
الخلافة بين الأمة والخليفة، ولا يتصور وجودها بدون إحداهما.
ولا يصح القول أيضًا بأن مبايعة الأمة للخليفة من باب الوكالة وللموكل أن
يقيد الوكيل، لأن هذا قياس مع الفارق. فليس من حقيقة الوكالة شرعًا أن تكون
عامة، بل يصح أن تكون عامة ويصح أن تكون خاصة بخلاف الخلافة، فإن
حقيقتها أن تكون عامة لا غير. وكما أن حقيقة الخلافة تمنع من قصر الخلافة
على إحدى الرياستين كذلك تمنع من إمكان القول بجواز تعدد الخلفاء؛ لأن عموم
الرياسة المأخوذ في مفهومها لا يتفق مع التعدد؛ ولأن من أوائل مقاصد الدين توحيد
الأمة الإسلامية ورعاية مصالحها المشتركة واعتبار المسلمين في سائر أقطار
الأرض كالجسم الواحد الذي لا يكون له إلا قلب واحد ينبعث منه دم الحياة إلى سائر الأعضاء.
ب - شروط الخليفة في الإسلام: اتفقت المذاهب الأربعة على اشتراط
الإسلام، والبلوغ والعقل، والحرية والذكورة، والقدرة على إقامة الحدود وتنفيذ
الأحكام، وحماية بيضة المسلمين، وسلامة السمع والبصر والنطق، وأن يكون
ذا رأي وبصارة بتدبير المصالح العامة للمسلمين.
وأما الاجتهاد فالجمهور على اشتراطه، ويرى بعضهم صحة الاستغناء عنه
باستفتاء العلماء. وكذا القرشية فقد نقل ابن خلدون أن الجمهور على اشتراطها
أيضًا. وأن كثيرًا من المحققين ومنهم أبو بكر الباقلاني على خلاف ذلك كما أن
الجمهور على اشتراط العدالة أيضًا.
وقد اتفق العلماء على أن محل رعاية ما وقع الاختلاف فيه من هذه الشروط
إنما هو حالة الاقتدار والاختيار لا حالة العجز والاضطرار.
***
المسألة الثانية
الخلافة واجبة في الإسلام
الإمامة (الخلافة) واجبة في الإسلام، وقد استدل لهذا في شرح العقائد بقوله
صلى الله عليه وسلم (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) ، ولأحمد
والطبراني (ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) أخرجاه من حديث
معاوية. ولمسلم في صحيحة عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: (من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس
في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) ولأن الأمة قد جعلت أهم المهمات بعد وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم نصب الإمام على ما في الصحيحين من حديث سقيفة بني
ساعدة، وكذا بعد موت كل إمام، ولأن كثيرًا من الواجبات الشرعية يتوقف عليه
كتنفيذ الأحكام وإقامة الحدود، وسد الثغور، وتجهيز الجيوش،
وقسمة الغنائم، وقهر المتغلبة والمتلصصة، وقطاع الطرق، وقطع المنازعات
الواقعة بين العباد، وقبول الشهادات القائمة على الحقوق، ونحو ذلك من الأمور
التي لا يتولاها آحاد الأمة.
***
المسألة الثالثة
بم تنعقد الخلافة؟
اتفق العلماء على أن لانعقاد الخلافة ثلاث طرائق:
الطريقة الأولى: النص من الإمام السابق.
الطريقة الثانية: بيعة أهل الحل والعقد من المسلمين، وأهل الحل والعقد هم
الذين يطاعون في الناس من العلماء والأمراء والوجوه وأهل الرأي والتدبير. ولابد
عند جمهور العلماء من أن يكونوا عدولاً. ولابد عند الحنفية في طريقتي النص
والمبايعة من نفاذ حكم من نص عليه أو بويع، فإن لم ينفذ حكمه في الناس لعجزه لم
يصر إمامًا.
الطريقة الثالثة: (التغلب والقهر من شخص مسلم وإن لم تتحقق فيه الشروط
الأخرى) .
وبعد الفراغ من تلاوة هذا التقرير.
اقترح حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عطا الله الخطيب أفندي إمهال
المؤتمر يومًا ليتمكن حضرات الأعضاء من نظر التقرير في سعة وإبداء آرائهم فيه.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هارون. هذه مسائل علمية
نقلية محضة وهي معروفة عند العلماء، ولا تقبل شيئاً من المناقشة ولا أرى وجهاً
لإعطاء مهلة لدرسها.
وقال حضرة الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي: لا يشك شاك في أن مسألة
الخلافة من أهم المسائل، والبت فيها من الصعوبة بمكان عظيم. فأقترح تأجيل
المؤتمر سنة حتى نقتل هذه المسألة بحثًا. وأن البحث الفقهي في هذه المسألة غير
كاف. فللظروف أحكام وللأمكنة أحكام. وتأثر النظم الإسلامية ببعض السياسات
الأجنبية له حكم آخر.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الأحمدي الظواهري: نحن
لم نرد فيما اجتمعنا لنظره من المسائل العلمية أن نكون مجتهدين لنحدث آراء جديدة
ومذاهب جديدة في الإسلام. أن بحثنا ينحصر فيما نقول المذاهب المعتبرة في
الإسلام. أما التطبيق فلكم أن تقولوا: إن هذا ليس من اختصاصنا.
وقال حضرة الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي: لا أريد مذهبًا جديدًا أو
القول بالاجتهاد، إنما أقول ذلك مستفتيًا. فإن كنتم تنقلون مسائل غير قابلة للتطبيق
في هذا العصر فماذا يكون الحكم؟
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الأحمدي الظواهري: إن فتح
باب تطبيق الأحكام الشرعية في عصر دون عصر خطر على الإسلام. نحن
نعرف أن تطبيق أحكام الدين العامة شيء واحد، أما مراعاة أحكام الأزمنة في
إحداث شروط جديدة فلا نقول بها.
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري: كنت في الجلسة
الماضية قد أشرت إلى أمر هام وهو أن هذه المسألة يجب أن ندعها إلى المجتهدين
الذين لهم الترجيح ويقدرون على الاستنباط، ولكن المؤتمر أخذ هذه المسألة على
عهدته ثقة بنفسه. والاعتماد على النفس في عصرنا هذا مزية مقبولة ممدوحة.
وقد جاءتنا اليوم اللجنة العلمية بهذا التقرير لنبدي رأينا فيه، وإننا في جميع بلادنا لنا
عقيدة ثابتة هي أن سادتنا وأئمتنا الأطهار علماء الديار المصرية فيهم من هو
المجتهد في المذهب وفيهم المستنبط. وإذا كانت اللجنة استندت إلى كلام ابن خلدون
في مسألة النسب، فهل الديار المصرية ليس فيها من هو أعلى درجة في الترجيح
والاستنباط؟
وقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد حبيب العبيدي: هل
ضاقت بنا كتب الدين حتى نرجع إلى كتب التاريخ ونأخذ عن ابن خلدون؟
فطلب حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري ألا يقاطعه أحد
وقال: كانت ديارنا كلها تنتقدنا في مسألة التصوير الشمسي، فلما ظهرت رسالة
فضيلة مفتي مصر السابق وهو الجالس هنا، وذكر فيها أن الصورة الشمسية ليست
صورة مخترعة بل هي صورة حفظت بوساطة الآلات امتنع اعتراض الناس
علينا.
فعلمنا أن الأستاذ مؤلف الرسالة هو من أهل الاجتهاد في المذهب ومن أهل
الاستنباط. إن مؤتمركم هذا أيها السادة المصريون إذا قرر شيئًا فإنه سيصل إلى
العلماء والفلاسفة والملوك والنظار والعوام في أقطار المسلمين، فالمسلمون اليوم
يريدون منكم إيضاحًا وتفصيلاً. إن شروط الخليفة استنبطتها الطبقات التي قبلكم
استنباطًا، وإن في شروط الخليفة أحاديث منها ما صححه العلماء، ومنها ما جعلوه
موضوعًا وذلك في كتب متفرقة منثورة، وأنتم تقولون إن هذا في المدونات العلمية
ونحن نسلم لكم ولكن لا يمكن أن نحكم على جميع طبقات المسلمين أنهم يعلمونه كما
تعلمونه، فيجب أن نكتب هذه المواد مادة مادة بشكل خاص فربما عرض على
ملوك المسلمين وأمرائهم وأهل الحل والعقد وربما باحثكم فيه علماء تونس أو علماء
سوريا أو علماء العراق أو علماء فارس. فنحن لا نطالبكم بإحداث شرائط جديدة،
وإنما نطالبكم ببيان هذه المسائل التي اجتهدت فيها الطبقات القديمة قبلكم، فهل هي
مسائل عقائد أو هي مسائل ظنية استنبطها من كانوا قبلكم وجعلوها شروطًا؟ وهل
إذا أنكر الشروط أو بعضها رجل يخرج بذلك عن الدين؟ نريد منكم خبراء مقتدرين
يضعون نظامًا محكمًا ذا مواد مفصلة حتى إذا نشر في البلاد الإسلامية كان لنا أن
نرفع رؤوسنا بكم ولا يفهم من كلامي هذا أني أحتقر اللجنة أو المؤتمر، وكلكم من
أكابر القوم، إن أكابر السياسيين الذين يجتمعون في المؤتمرات ينتخبون الخبراء
الماليين والعسكريين ولا يطعن ذلك في كفاءتهم. ثم هنا مسألة أدعوكم إلى التفكير
فيها وهي أن تجمعوا هذه المسائل مع المسائل السياسية الأخرى بدقة تامة فإن
وراءكم أمراء وزعماء وملوكًا، فاحذروا من أن يكون عملكم محل انتقاد فإن هذا لا
ينتهي في نصف ساعة أو بجواب مقرر.
فاستأذن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي وقال: يا فضيلة
الرئيس، إن اللجنة العلمية التي نظرت في هذه المسائل الثلاث ليست مؤلفة من
علماء مصر وحدهم وإنما هي لجنة انتخبها المؤتمر نفسه من بين حضرات أعضائه
وفيها علماء من الجهات الممثلة في المؤتمر فلماذا يخاطب فضيلة الأستاذ الشيخ
الشقيري علماء مصر فقط؟ على أن عمل اللجنة واضح في الشريعة.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ الشقيري: إنما أخاطب
المتخصصين. وهنا استأذن حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي
في الكلام أيضاً وأراد أن يتكلم.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الرحمن قراعة: إنما الكلام
الآن لمقرر اللجنة.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي: إنما أتكلم كعضو في
المؤتمر واللجنة. ولكل عضو حق الكلام بالإذن وفضيلة المقرر له الكلام من قبل
ومن بعد، وقد استأذنت فضيلة الرئيس فأذن، والمسألة سهلة فليتكلم فضيلة المقرر.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الأحمدي الظواهري: إن
الأستاذ الشيخ الشقيري يثني على علماء مصر فجزاه الله ألف خير عنهم، وإن
علماء مصر ما زالوا ولن يزالوا شافعية وحنفية ومالكية وحنابلة على هذه المذاهب
وما ينبغي لنا غير هذا فمهمتنا أن نبين هذه الشروط فإذا كان فيها لبس أو خفاء
فليذكر موضعه لإيضاحه. إن وظيفتنا علمية وما على اللجنة إلا أن تعدّ للمؤتمر.
فإن اكتفى بما أعدته فيها وإن رأى غموضاً أو إبهاماً فللمؤتمر أن يستوضح ما يريده.
وما وظيفة المقرر إلا رفع اللبس وإلا فما كان هنالك من حاجة لتوزيع التقرير
على المؤتمر كفتوى شرعية لا تحتمل المناقشة. يقول فضيلة الأستاذ الشقيري
يجب أن نجتهد وأن نطبق فأي مسألة يريد أن نجتهد فيها ونطبقها؟ ليست مهمتنا
أن نقول هذا الشرط متحقق عند فلان دون فلان. وإنما هذه مهمة اللجنة الأخرى
التي تقول: هذا ممكن أو غير ممكن. أما نحن فوظيفتنا أن نبين ما هي الشروط
الشرعية على حسب المذاهب. فإن كان لدى الأستاذ اعتراض على أي شرط من
هذه الشروط فليتفضل بذكره.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري: اليوم إذا سألك
سائل وقال إن من ضمن هذه الشروط النسب فما الأسباب التي جعلت من قبلنا
يعرضون عنه.
فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الأحمدي الظواهري: قلنا
إن الجمهور على أن يكون الخليفة قرشيًا. وقلنا: إن بعضهم قال إن هذا ليس بشرط
ومنهم أبو بكر الباقلاني الذي نقل عنه ابن خلدون. ونحن بسطنا المسألة، وقلنا: إنها
لا تحتاج إلى ابتداع منا، وأنا لا أقول خذوا بمذهب الشافعية أو بمذهب غيرهم وإلا
أثرت خلافًا بين المذاهب الأخرى، وكل له وجهة نظر صحيحة فإذا رأيتم أن نأخذ
بقول لأن المصلحة فيه فلا مانع، ونحن نتجافى كل التجافي عن الخلافات المذهبية
التي فرقت المسلمين.
فقال حضرة صاحب الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي: هذه مسألة عملية ولا
يحمل عليها المسلمون.
(للكلام بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))