بحمد الله نختتم السنة الثامنة عشرة للمنار، كما افتتحناها بحمده وهو الذي يحمد في السراء والضراء وحين البأس، فله الحمد والشكر، والثناء الحسن عودًا على بدء، فقد لطف بنا هذه في العسرة العامة، ورحمنا في هذه الفتنة الطامة، التي لم تصب الذين ظلموا منا خاصة، وغاية ما أصاب إدارة المنار ومطبعتها من تأثير هذه الحرب أن قل دخلها، وفقدت أكثر أصناف الورق بضعة أشهر لقلة الوارد من أوربة، ومضاعفة ثمنه أضعافًا، حتى أن هذه الجزء من المنار بدئ بطبعه في أواخر شهر ذي الحجة سنة ١٣٣٣، وطُبع بعضه في ربيع الآخر، والكراسان الأخيران منه في شهر رجب سنة ١٣٣٤. ونحن قد كنا ابتعنا أول سنة ١٣٣٣ ورقًا يزيد عن حاجة المنار فيها بعد أن أمرنا المطبعة بأن تنقص ألف نسخة مما كان يطبع منه في مقابلة انقطاعه عن الممالك العثمانية وبعض البلاد التي تعذر إيصاله إليها، ثم علمنا في أواخر السنة أن الورق قد نفد؛ لأن الأمر بإنقاص المطبوع ما نفذ، وما ذاك إلا ذهول ونسيان، وما قُدِّر كان، فعهدنا إلى من يجلب لنا الورق من أوربة بطلب طائفة منه، فلم يصل إلينا بعض ما طلبنا إلا بعد بضعة أشهر، وهو لا يكفي لإصدار عشرة أجزاء من المنار، وإن نقصنا من المطبوع ألف عدد أو أكثر. فنحن مضطرون لقلة الورق، وخشية انقطاع وروده كما يتوقع تجار الجلب أن نجعل كل جزء ثمانية كراريس (ملازم) فإذا يسر الله لنا ورقًا نُتِمُّ السنة اثني عشر شهرًا؛ فيكون المجلد التاسع عشر كالثامن عشر، وإلا جعلناها عشرة أشهر فقط، على أن ورقها أغلى ثمنًا من ورق المجلدات الكاملة. هذا وإن قراء المنار في مصر يعلمون أن دخله قد انقطع من عدة ممالك تعذر إرساله إليها في زمن الحرب، فلم يبق له مورد يعتد به إلا منهم، ويعلمون أيضًا أن النفقات قد زادت، وأن كل شيء صار يُشترى بالنقد، فنرجو من مروءتهم العالية أن يتفضلوا بأداء ما عليهم من قيمة الاشتراك؛ فيكون جل الفضل لهم باستمرار هذه الخدمة للإسلام والإنسان، وقد دفعتنا هذه الحاجة إلى تذكير من لم يدفعوا للمنار شيئًا مما عليهم منذ عشر سنين أو أقل أو أكثر، فمنهم من بادر إلى أداء جميع ما عليه، ومنهم من جعله أقساطًا، ومنهم من مطل ولوى، ومن أعرض بجانبه ونأى، وسنبين أحوال هؤلاء في المقالة التي وعدنا بها في تعليقنا على الرسالة المنشورة قبل هذه الخاتمة. ولم يرد علينا في هذه السنة نقد على المنار، ولا نزال نطالب القراء بأن يتعاهدونا بالنصيحة، والحمد لله أولاً وآخرًا.